أخبار وتقارير
“الاستتابة”… قانون داعش الجائر ضد المعلمين
عانى المعلمون في ظل سيطرة تنظيم داعش على مناطق في سوريا، حالهم كحال بقية فئات المجتمع، من قوانين التنظيم الجائرة وتسلط أجهزته الأمنية والحسبة عليهم، إلا أن التنظيم خصّ العاملين/ات في سلك التعليم بنظام “الاستتابة” والقصاص (الإعدام) في حال مخالفة هذا النظام.
وكانت “الاستتابة” تقوم على تعهد المعلمين بعدم تدريس أي مناهج تعليمية، عدا عن المناهج التي فرضها تنظيم داعش، وألزم من خلاله المعلمين/ات بالتوقيع عليها والتبرأ مما وصفوه بمنهاج “الكفر”، بالإضافة إلى العقوبة في حال المخالفة وهي تطبيق حكم القصاص (الإعدام نحراً أو رمياً بالرصاص) بحق المخالفين وتعليقهم في الساحات العامة، في محاولة لفرض التنظيم مناهجه وأفكاره المتطرفة، وإجبار المعلمين على تدريس تلك المناهج.
وفرض تنظيم داعش الإرهابي هذا النظام في مناطق سيطرته في سوريا والعراق، وشمل كافة المعلمين والمدرسين بالوكالة اللذين عملوا في السلك التعليمي لدى الحكومة السورية.
قالت (ي.ح) وهي إحدى المعلمات اللاتي وقعن على ورقة “الاستتابة” بالإكراه، وتعهدت بعدم الاعتراف بمناهج الحكومة السورية، والامتناع عن تدريس أية مناهج أخرى غير مناهج التنظيم.
“حصلت عملية “الاستتابة” أمام ثلاث من نساء داعش أو ما يطلقون عليهن ضمن التنظيم اسم (الأخوات)، وبعد التوقيع على التعهد أخبرتني إحداهن، بأنه سيتم تطبيق حكم الله في الأرض وهو القصاص والذبح إذا قمتِ بتدريس منهاج النظام، وبذلك تكونين قد وقعتي على نفسك بالموت”، على حد قول إحدى المعلمات التي طلبت عدم ذكر اسمها لدواعٍ أمنية.
وأضافت بأنها كانت تقوم بتدريس أطفال صغار، وتعلمهم مبادئ القراءة والكتابة والحساب خفية، بينما كان الطلاب يخبئون الأقلام والدفاتر تحت ثيابهم خشية أن يراهم عناصر التنظيم ولا سيما عناصر الحسبة.
وشهدت مناطق سيطرة تنظيم داعش، حالات اعتقال طالت معلمين/ات بتهمة تدريس منهاج غير منهاج التنظيم، خفية، وكان يتم احتجاز المتهمين في مراكز داعش الأمنية ولا سيما مركز “البرج” في الطبقة والنقطة 11 (الملعب الأسود) في الرقة، وهما من أشهر مراكز التنظيم، وواجه معظم المعتقلين مصير الإخفاء القسري في سجون التنظيم.
بينما فر العديد من المعلمين من مناطق سيطرة التنظيم إلى المناطق التي كانت تسيطر عليها الحكومة السورية، خوفاً على حياتهم وحياة عائلاتهم.
المعلم (أ.خ) رفض التوقيع على الاستتابة، واضطر إلى مغادرة المنطقة واللجوء إلى منطقة أخرى خوفاً من بطش عناصر التنظيم، ولا سيّما أن عقوبة (القصاص) كانت من أكثر الكلمات إثارةً للرعب في نفوس الأهالي والمعلمين.
يقول لشبكة آسو الإخبارية، أن أحد عناصر التنظيم ويدعى “أبو الحارث” طلب منه التقدم لـ “الاستتابة”، إلا أنه كان رافضاً لهذا النظام ولم يستطع الإفصاح عن رفضه، ليقدم على ترك المنطقة رفقة عائلته خشية أن يوشي به لأجهزة تنظيم داعش وأن يتم قتله بتهمة تدريس منهاج غير منهاج التنظيم.
“تلقيت عدة رسائل ترهيب وتهديد من تنظيم داعش، وطلبوا مني العودة إلى المنطقة وإعلان التوبة، لكنني لم أستجب رغم التخويف وبقيت خارج المنطقة إلى حين تحرير المدينة من التنظيم، كما أقدم التنظيم على مصادرة منزلي بحجة أن صاحبه “كافر” و”مرتد” ولم يوقع على ورقة الاستتابة”، على حد قوله.
سيطر تنظيم داعش الإرهابي على مناطق في العراق بدءاً من عام 2013، وامتدت مناطق سيطرته إلى سوريا عام 2014، لتشمل مدناً في شمال وشرق سوريا وهي الرقة والطبقة ودير الزور وكوباني ومنبج.
وكان التنظيم أصدر نظام “الاستتابة” للمعلمين في 2015، أي بعد أقل من مضي عام من سيطرته على مدن سورية.
وتمكنت قوات سوريا الديمقراطية بدعم من قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، من دحر تنظيم داعش الإرهابي بعد عمليات استمرت لثلاثة أعوام، وتم تحرير آخر معاقل التنظيم (الباغوز بريف دير الزور) في آذار 2019.