Connect with us

مدونة آسو

خطاب الكراهية وتداعياته في محتوى وسائل الإعلام السورية

نشر

قبل

-
حجم الخط:

هذه المادة منشورة بالتعاون بين شبكة الصحفيين الكُرد السوريين (SKJN) وشبكة آسو الإخبارية في برنامج تعاون ضمن مشروع إعلام يجمعنا، حول” تعزيز دور الإعلام في محاربة الإستقطاب وخطاب الكراهية من أجل مجتمع متماسك”.

الكاتبة شام فارس
فتكت الحرب السورية الحجر والبشر خلال ال 12 عاماً، وكان لتداعياتها آثار كبيرة لم تنحصر في الشؤون الاقتصادية أو السياسية والعسكرية، بل تطورت لتطال يدها المجتمعات السورية وسلمها، وذلك بأسلوب جديد وأدوات جديدة انحصر بمحتوى يبث على بعض الشاشات الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي وكانت بعض وسائل الإعلام المسيسة لصالح أجندات سياسية نافذته الأبرز ومنبره على كافة الجغرافيا السورية، وهنا عن (خطاب الكراهية) نتحدث.

وتتفاوت وجهات النظر ما بين مؤيد ومعارض لفكرة رواج الكراهية عن طريق بعض المنابر الإعلامية، ويختلف ذلك بحسب الجغرافيا وتنوعها الثقافي والعرقي والقومي، واختلاف القوات المسيطرة التي تفرض قوتها على غرف تحرير بعض الوسائل الإعلامية سواء مقروء أو مسموع وحتى المرئي.

في سياق ذلك تقول الصحفية والناشطة المدنية رغد المطلق من مدينة القامشلي شمال شرق سوريا، فيما يخص خطاب الكراهية في محتوى بعض الوسائل الإعلامية وأثرها على السلم المجتمعي، ” حقيقة نحن كمجتمع سوري خلال السنوات العشر الأخيرة تفككنا بما فيه الكفاية وهذا الأمر يعود لعدة عوامل أبرزها خطاب الكراهية التي لعبت فيه وسائل الإعلام المسيسة دوراً كبيراً”.

ولفتت المطلق هنا بأنها عندما تتكلم عن وسائل الإعلام السورية فهي لم تحدد جهة معينة، فهي ترى أن كافة وسائل الإعلام السورية بمختلف توجهاتها السياسية واختلاف خطها التحريري ما بين حكومة ومعارضة وغيرها كان لها دور في شرخ المجتمع من خلال المحتوى التي تقدمه أو من خلال التغطيات الصحفية أو من خلال استخدام المصطلحات التي تثير النزعات وتحض على التقسيمات الموجودة سواء موالي معارض كردي انفصالي.
ويعد خطاب الكراهية من أخطر الظواهر التي تنتشر في وسائل الإعلام السورية، حيث يتم استخدامه لتحقيق أجندات سياسية وتأجيج الصراعات الطائفية والسياسية بين مكونات المجتمع السوري، وفقاً لناشطين مدنيين.
وعادت بذاكرتها الصحفية لبداية الحراك السوري بقولها “خلال التغطيات كان هناك خطاب كراهية واضحة من خلال التغطيات الصحفية بطريقة خاطئة، كانت تبرز الشعارات الطائفية الواضحة التي تدل على العنصرية كمثال: العلوي على التابوت والمسيحي على بيروت والمعارض إرهابي، الكردي انفصالي، كل هذه المصطلحات عززت الشرخ السوري بشكل واضح”.

ويعرف خطاب الكراهية في وسائل الإعلام على أنه أي تعبير يستخدم لتحريض العنف أو التمييز ضد فئة معينة من المجتمع، سواء كان على أساس العرق أو الجنس أو الدين أو الجنسية أو اللغة أو الإعاقة أو الأصل الاجتماعي أو أي خصائص أخرى. يهدف هذا التعريف إلى حماية حقوق الإنسان والتعددية الثقافية والتعايش السلمي بين مختلف المجتمعات والثقافات، وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة.

بدوره لفت الكاتب الكردي شفان إبراهيم، بتصريحه لشبكة الصحفيين الكُرد السوريين إلى أن وسائل الإعلام منقسمة إلى أكثر من محتوى وخطاب ورسالة تحرير، وأن كل طرف يرى الطرف الآخر معاديًا ويروج لخطابه الإعلامي.

ويضيف إبراهيم، إن كل المصطلحات والألفاظ ومحفزات سلوك الكراهية بدأت وتغذت من الإعلام، ولم يبقى مصطلح إلا استخدم في الإعلام وذلك يكون من خلال طرف ضد طرف آخر تحت ستار حرية التعبير، أو عرض أساليب القتل والتدمير والدماء والمواجهات التي كانت تغذي خطاب الكراهية لدى الطرف الآخر، على حد تعبيره.

وأدى خطاب الكراهية في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي إلى زيادة الانقسامات في المجتمع، وزاد من الصراعات والتوترات، الأمر الذي وضع المسؤولية على عاتق وسائل الإعلام فيما يخص تغطية الأحداث بشكل موضوعي ومتوازن، والابتعاد عن التحيزات السياسية والأيديولوجية.

وبهذا السياق، تقول الصحفية والناشطة آريا حاجي لشبكة الصحفيين، “نحن نفتقد لتغطية قضايا الصحافة بطرق معمقة، وكتقييم للواقع الحالي فإن وسائل الإعلام السورية على مستوى الشمال السوري أصبح هناك تنميط لمحتوى الوسائل لأن غالبيتها تطغى عليها حالة التنميط في التغطية الإخبارية”.

وعن دور الإعلام والسلم المجتمعي تقول حاجي، “إن دور الإعلام لا يمكن اعتباره مسبب أساسي للشرخ المجتمعي ولكن بسبب غياب التغطية المعمقة للقضايا المجتمعية والأسباب التي تؤدي الى ظهور المشاكل بين الناس، فعندما لا نتعمق في هذه القضايا ولا نعرف مسبباتها الرئيسية وجذورها ونجد حلول، لن نساهم في وجود تماسك مجتمعي”.

ويجمع الصحفيين/ات على أهمية تعزيز الخطاب الإيجابي في المجتمع، وذلك من خلال تعزيز القيم الإنسانية والتعايش السلمي والتسامح والتعاون. كما يمكن تحقيق ذلك من خلال دمج التربية الإعلامية في المدارس والجامعات، وتشجيع الصحفيين/ات على تغطية الأحداث المجتمعية بشكل معمق وموضوعي، وتحرير الخطاب الإعلامي من الألفاظ النمطية والمسيئة للأفراد والفئات المجتمعية.
ويعبر الكاتب الكردي شفان إبراهيم عن رأيه بقضية التماسك المجتمعي بــقوله، “إن الإعلام عزز الشرخ المجتمعي، والإعلام الذي حصل على ضخ مالي هو الذي كان واجهة الاستقطاب بشكل كبير، ونشر مفاهيم جديدة وأثر في الخطاب، مثلاً المجلة التي تنشر تتوقف عند حد معين على عكس التلفزيون الذي يستمر ويستخدم مصلحات تعزز خطاب الكراهية تؤثر على الأجيال القادمة”.

ورغم أنه لا يوجد مفهوم واضح لخطاب الكراهية، إذ يأخذ توصيفات عدة يمكن أن نجملها في العنف اللفظي المُتضمّن في الخطاب الدوني، والكُره البيّن والتعصّب الفكري والتمييز العنصري والتجاوزات التعبيرية القدحية والنظرة الاستعلائية في الخطاب المصحوب بالإقصاء. وبالتالي يصبح الحديث عن خطاب الكراهية كظاهرة مجتمعية، بمثابة آفة انتشرت مع انتشار وسائل الإعلام والاتصال الاجتماعي بالخصوص.

هذا ومن الواضح أن الانتشار الواسع لوسائل الإعلام والاتصال كفضاء مفتوح، صار ملاذاً لممارسة شتى أشكال التمييز وإنتاج خطاب الكراهية، ما يستثمره الفاعل السياسي بالدرجة الأولى.

وفي هذا السياق تقول رغد المطلق، “نحن اليوم كصحفيين وصحفيات وناشطين وناشطات نرجو غد أفضل ومحاربة هذا الخطاب والتخلص منه وأن يتوحد خطاب وسائل الإعلام السوري وأن يتواجد حل سياسي للصراع والأزمة الدائرة في البلاد فنتمنى من وسائل الإعلام التي ساهمت بصنع الشرخ السياسي في المجتمع أن تبدأ بإيجاد حل لإزالة وإنهاء هذا الشرخ الذي مازال يرافقنا كألقاب ومصطلحات متداولة الى الآن”.

هذا وعن الحلول المرجوة للحد من هذه الظاهرة أكدت المطلق، أنه من الضروري وجود جلسات حوار مركزة وورشات تدريبية وحملات مناصرة من أجل توعية الجمهور وليس فقط الصحفيين/ات، مؤكدة أنه ضمن شبكة الصحفيين الكُرد السوريين وخلال مشروع تماسك 2023 الذي يهدف الى مكافحة خطاب الكراهية ومكافحة الاستقطاب بمحتوى وسائل الإعلام، كان يوجد جلسات حوار، بالإضافة لكتيبات تعريفية بمكونات المنطقة لتجنب استخدام المصطلحات التي تثير الحساسية.