Connect with us

مدونة آسو

المساءلة… مفهوم لا بدّ من تداركه ومعرفة آليات تطبيقه

نشر

قبل

-
حجم الخط:

هذه المادة منشورة بالتعاون بين شبكة الصحفيين الكرد السوريين (SKJN) وشبكة آسو الإخبارية في برنامج تعاون ضمن مشروع “المرآة” حول حقوق الإنسان والحريات العامة.

أثار قرار الإدارة الذاتية بتحديد سعر شراء القمح من المزارعين بـ 31 سنتاً من الدولار الأمريكي للكيلو الواحد للموسم الزراعي 2024 احتجاجات ومطالبات بالتراجع عنه، وعلى الرغم من أن المجتمع الكردي ليس لديه تجارب في مساءلة الحكومات عن القرارات التي لا تخدم المصلحة العامة، وأن الاعتصامات ليست عملاً يومياً، إلا أن هناك محاولات من قبل الشعب.

يقول عزيز بهلوي (مواطن من مدينة قامشلو)، عن هذا القرار: “يؤثر على الموظفين والمزارعين والطلاب ويفتح الباب أمام الفساد، لذلك انضممت إلى الاعتصام في القامشلي 3 – 6 – 2024 احتجاجاً على هذا القرار، انطلاقاً من أن القرارات التي اتخذتها إدارتنا لا تصب في مصلحتي ويجب تعديلها.”

ويضيف عزيز: “في بعض الأحيان تشارك العائلات في مثل هذه الاعتصامات لصالح أطفالها، وهو نوع من المساءلة السلمية للسلطات الحاكمة، والسبب وراء عدم مشاركة الناس في هذه الاعتصامات، هو عدم إيمانهم بالتغيير، لذلك حين خرجنا إلى الشارع، حتى السيارات المارة لم تتوقف ولو احتراماً للاعتصام السلمي. وعلى الرغم من ذلك يبقى مفهوم المساءلة واجباً إنسانياً”.

الشفافية في وضع الأهداف… التخلص من تبعية الدول والحكومات
أما المزارع إدريس قاسم الذي يعيش في قرية “كرنكو” التابعة لمدينة عامودا، فيقول عن مفهوم المساءلة “يعبّر عن تجسيد الحرية والديمقراطية وهذان مفهومان غير موجودين في مجتمع مضطهد”.

لقد تعلم الشعب أن المساءلة ليست من مهامه ويجب على الأشخاص ذوي المسؤوليات القيام بهذا العمل، وهذا ما يؤكده إدريس في قوله: “إذا كان هناك قانون وتطبيق، فسوف تصبح ثقافة، سواء في مؤسسة الأسرة أو في المؤسسات الحكومية، فكلها مرتبطة ببعضها البعض”.

ويشير إدريس إلى أن الأزمة الاقتصادية تدفع الشعب إلى الابتعاد عن المساءلة؛ لأنه يرى أن أي مطالب لن تلقى آذاناً صاغية، “لا مجال للمساءلة تحت وطأة الفقر والجري وراء لقمة العيش!”.

في هذا الصدد، يقول الكاتب والمحلل السياسي برهان رؤوف: إن “المساءلة مسألة فكرية ومعقدة وبحاجة إلى دراسة معقمة، خاصة أن الكرد ليس لهم أي مؤسسات أو دولة، ووطنهم محتل وتابعين لدول أخرى، بالنتيجة وعلى الرغم من التضحيات هناك تدخلات وليس بإمكانهم تحقيق مطالب الشعب”.

“المساءلة من قبل الشعب ليس أنه كلما رأى قراراً لا يصب في مصلحته، يتظاهر ويعتصم وهذا ليس شيئاً طبيعياً، لأنه يختار مؤسسات وبرلمانات بشكل ديمقراطي وحين يكون هناك فاسدون ومن يستغلون المال العام لمصالحهم، تقوم هذه الأطراف من المجالس التنفيذية بالتحقيق والمساءلة بشكل قانوني في النظام الديمقراطي.” يقول رؤوف.

يجب أن يعرف العاملون مفهوم المساءلة ويدركوا كيفية تطبيق القوانين وطرق المساءلة، بحسب الناشط المدني مزكين محمود الذي يشير إلى أنه يجب مساءلة كل مؤسسة، وبالتالي حل المشكلات التي تظهر أمام هؤلاء العاملين بطريقة منهجية.

المساءلة آلية لتحسين العمل وليست تحقيق وعقوبة
“امتلاك قول كلمة لا والإشهار بها، هو ما نحتاجه ويجب على الرأي العام التحلي بروح المسؤولية والتعبير عن تطلعاتهم، ولكن فقدان الأمل بالتغير قد جعل الأشخاص أكثر انزوائية بالإضافة إلى غياب الوعي بالحقوق والإيمان بالتغير الإيجابي أو تسليط الضوء على الظواهر السلبية التي قد تمارسها السلطات القائمة.” يقول جيان حج يوسف المنحدر من عامودا وأحد المشاركين في الاعتصام احتجاجاً على قرار (119) الذي نص على رفع أسعار المحروقات لقطاعات محددة والتي بلغت نحو 400%.

يصف جيان مشاركته في الاعتصام بأنها “مشاركة خجولة”، ويؤكد هذا مزكين محمود بطريقته، بأن مفهوم المساءلة بالنسبة للحكومات وحتى المنظمات غير واضح ويكمل “على مستوى المؤسسات الحكومية يجب أن تكون هناك سياسة وتدريب للموظفين.”

بينما تقول الصحفية إيمان سليمان إنها في إطار عمل الحكومة لم تسمع بشيء اسمه “المساءلة”، وهذا يعني أنه لا توجد مساءلة شفافة مع الشعب على حدّ قولها. وتشدد إيمان على بناء فرد خالٍ من شوائب التخلف والتميز والعصبية ويدرك معنى الحياة الاجتماعية التي غايتها بناء الفرد الواعي أمام مطالبه.

“تبقى العملية غير متكاملة”
المنظمات المدنية الموجودة في المنطقة سواء في القامشلي أو الرقة، قامت بورشات في إطار التدريب على أساليب التحقيق في المؤسسات، وكذلك على الشفافية، منهم ( ديموس وشار وبيل)، ولكن العملية تبقى غير متكاملة وشكلية ولا يتم تطبيقه من طرف ومن طرف آخر لا يوجد إبلاغ وجهة متابعة للموضوع. بحسب ما صرح به مزكين محمود.

الحكومات والأنظمة الديمقراطية تتعامل بشكل إيجابي مع التجمّعات والاعتصامات السلمية، وفي الكثير من الدول حققت نتائج إيجابية وهي جزء من ثقافة مجتمعهم، وهذا ما تؤكده نسرين حسين مديرة منظمة آفرين وتكمل: “التجمع السلمي حق من حقوق الإنسان ووسيلة ديمقراطية للتعبير عن رأيه ومطالبه بتعديل قانون إو إلغائه أو رغبة في مكافحة الفساد”.

في الشرق الأوسط بشكل عام، وعلى الرغم من أن الدساتير والقوانين تضمن حق الفرد في التعبير عن رأيه بطرق سلمية، فإن معظم الحكومات والأنظمة مارست العنف والترهيب ضد أي شكل من أشكال المطالبة الجماهيرية وقمعها.

الأمر الذي خلق خيبة أمل لدى المواطن في أي محاولة للتعبير عن مطالبه من خلال التجمعات الاحتجاجية، ولكن “نؤمن بالتجمع السلمي الذي يخدم المواطن وحقه في المطالبة بتعديل قرار أو تحقيق مطلب جماهيري سواء اقتصادي أو سياسي أو اجتماعي.” تقول نسرين حسين.

حلول جذرية
“مسألة الديمقراطية والتحول الديمقراطي والإصلاحات عمل بطيء ويحتاج إلى الصبر، والاستمرار، والتأني، والتغير وإلى العمل من جميع النواحي التربوية حتى يتعلم الجيل الجديد الحفاظ على ممتلكات العام ويدرك تماماً إنها ممتلكات الشعب”، بحسب ما توضحه مدرسة علم الاجتماع زركة محمود في الدرباسية، والتي تشير إلى أن المواطن في مجتمعاتهم لا يملك الأداة التي يحاسب بها الحكومة، لأن أسس الحكومة لم تبنَ على حرية الاختيار.

“إنه واجب على كل مواطن وعلى الجهات التي ذكرتها حث الموطن وتوعيته على أن يكون فاعلاً، وبهذا يعيد ثقته بالحكومة للاستجابة بمطالبه.” تقول زركة.

أما الكاتب والمحلل السياسي برهان رؤوف، فإنه يوضح أن المساءلة تحتاج إلى فلسفة، وعمل دؤوب، ووجود مؤسسات والتوعية من قبل المنظمات المدنية والصحافة فهي السلطة الرابعة، ويجب أن تعمل من أجل بث روح المسؤولية والالتزام بالقوانين والسلم المجتمعي.

يعاني الشعب في شمال وشرق سوريا بعض الأحيان من قضية مساءلة الحكومات في أبسط مقومات الحياة، وهي أحد المفاهيم التي يستوجب التركيز عليها ومعرفة أسباب عدم تداركها، سواء “كانت من تأثير سلوك مكتسب من مجتمع مضطهدة من قبل الدول المحتلة لوطنه وحرمانه من حقوقه في كافة المجالات أو عدم وعيه على التركيز على كافة الأمور المجتمعية والتي يجب العمل من أجلها ووصول الفرد إلى فهم حقوقه وواجباته كمواطن.

*الصورة من النت