Connect with us

أصوات نسائية

الفروقات بين المجتمعات الضامنة لحق المرأة في الميراث والمجتمعات التي تحرمها الحق

نشر

قبل

-
حجم الخط:

تم إعداد المادة بالتعاون بين شبكة آسو الإخبارية وتحالف مشروع “حق المرأة في الميراث” والذي ينفذه (مركز سمارت، منظمة تاء مربوطة، وجمعية نوجين) بدعم من مركز الدعم المجتمعي.

للمجتمعات الضامنة لحقوق المرأة كافة مميزات من السهل ملاحظتها في شكل وهيكلية المجتمع ونخص بالذكر المجتمعات المعترفة بحق المرأة في الميراث، حيث تظهر الفروقات جلية بينها وبين المجتمعات التي تحرمها الحق، لتميز الأولى بالتماسك المجتمعي والتقدم الاقتصادي وارتفاع مستوى الوعي

وبالمقارنة بين النوعين (المجتمعات التي تعطي المرأة حقها في الميراث والمجتمعات التي تحرمها هذا الحق) نلاحظ أن الحاضنة الأكبر لعادة حرمان المرأة من ميراثها تتجذر في البيئة ذات الطابع الريفي على سبيل الذكر لا الحصر، وذلك لاشتغال أهالي الريف في الزراعة كعمل أساسي ما يدفعهم لرفض توريث النساء بحجة الحرص على عدم ذهاب ملكية أراضي العائلة لعائلة أخرى (عائلة زوج البنت) وإيمانهم بمقولة (الأرض عرض) أي تشبيههم للأرض الزراعية وربطها بشرف العائلة الذي يستميتون للدفاع عنه.

ورث المرأة … مصدر تمويل ذاتي لها
معتقدات كهذه تسم معتنقها بالجهل وقلة الوعي والتعنت والظلم المجتمعي، في حين يتسم معتنقي فكر العدالة بين الجنسين ولاسيما في مسألة الميراث بالوعي والعقلية المتفتحة والتقدم الاجتماعي والاقتصادي، لأن توريث المرأة حتما سيوفر لها مصدر رزق يساعدها على الاكتفاء المادي وبالتالي تصبح المرأة فردا منتجا بدل كونها مستهلك فحسب

تتحدث كفاء من مدينة ديرالزور السورية عن تجربتها حيال مسألة الميراث، بعد وفاة والدي ومن بعده والدتي في 2015م بدأ أخوتي بمعاملات حصر الإرث للبدء بتقسيم التركة بيننا أنا وأخوتي البالغ عددنا شابين وأربع فتيات، وذلك بحسب الشريعة الإسلامية، ورغم كوني متزوجة من رجل ميسور الحال إلا أنني حصلت على ورثي من والدي، إضافة إلى مصاغ ذهبية ورثتها عن والدتي المرحومة، اشتريت بمال الورثة سيارة خاصة بي تقلني حيث أشاء

تكمل كفاء، علاقتي بأفراد عائلتي مثالية جميعنا متحابين ويساند بعضنا الآخر فليس هنالك ما يدعو للأحقاد فيما بيننا وبحسب اعتقادي هذا الحال ينطبق على أهالي مدينة دير الزور بشكل عام، إذ أن المرأة في مدينتي تحصل على حقها الطبيعي في تركة والدها فهذا بالنهاية حق وليس هبة أو منة

وعند سؤالنا عن أسباب تميز مدينة ديرالزور بإعطاء المرأة حقها من التركة بشكل مغاير لحال أغلب المجتمعات الشرقية أجابت كفاء، ربما يعود السبب الرئيسي للوازع الديني من جهة ولتميز بنات دير الزور بقوة الشخصية من جهة أخرى فغالبيتهن من المتعلمات ويعين حقوقهن بشكل جيد

ثقافة إعطاء المرأة لحقها من التركة تؤثر بشكل مباشر على تركيبة المجتمعات وتماسكها بشكل ملحوظ ويظهر ذلك بوضوح في المجتمعات ذات الطابع المدني، ولعل غالبية أبناء الجزيرة السورية ممن درس في جامعات مدينتي دمشق وحلب لاحظ خلال رحلة دراسته، أن مالكي معظم منازل الإيجار التي لجأ للسكن فيها حينها، كن من النساء، وربما دفع الفضول البعض منا ليسأل عن السبب وراء ملكية الزوجة للمنزل دونا عن زوجها، وكانت الإجابة دائما من قبل مالكات المنازل، بأن هذا المنزل هو ورثي من والدي، وهذا ما يفسر قوة شخصيتهن التي يعود السبب ورائها لتمكينهن اجتماعيا واقتصاديا ليصبحن بذلك نساء فاعلات مستقلات ومنتجات

كما تعزز قصة عبير من مدينة حلب السورية هذا الرأي مثلما تسرها لنا قائلة، حصلت على نصيبي من ورث والدي في 2008 عندما عمد أخوتي إلى تقسيم التركة وتوزيعها بيننا حسب الشريعة الإسلامية، حيث حصلت على ورثي من الأرض الزراعية مقدرا بمبلغ مادي

وتؤكد عبير أضاف ذلك لحياتي الكثير حيث استطعت مع زوجي توسيع تجارتنا المتواضعة ما انعكس ايجابا على حياتنا وحياة أطفالنا ووضعنا الاقتصادي

التفكك الأسري… نتيجة حتمية لحرمان المرأة من حقها في الميراث
في حين تنتشر الأحقاد والأضغان في المجتمعات التي تحرم المرأة هذا الحق لاسيما عندما تلاحظ المرأة أن أخوتها الذكور يتمتعون بورث والدها الذي تملك حقا فيه بينما يحرم أطفالها من ذلك الحق ما يؤدي لتفكك المجتمع وظهور الانقسامات داخل الأسر

كما حدث مع علياء من ريف الحسكة بعد حرمانها وأخواتها الفتيات من نصيبهن بتركة الوالد بعد وفاته حيث عمد الأخ وهو الذكر الوحيد في العائلة للاستئثار بأرض والده الزراعية رافضا إعطاء أخواته الثلاث حقهن منها

تصف علياء علاقتها بشقيقها، لطالما كانت علاقتنا بعائلة أخي تشوبها المشاكل والنزاعات فلم نستطع مسامحته على حرماننا من ورثنا حتى بعد وفاته، فقد كان السبب المباشر لمعاناتنا مع فقر الحال في حين كان يتنعم مع عائلته بأموالنا

من المؤكد أن أي شكل من أشكال الظلم والحرمان الممارس ضد أي نوع اجتماعي داخل المجتمعات سيؤدي حتما إلى نتائج كارثية على مختلف الأصعدة في حين سيترتب على تحقيق العدالة المجتمعية وصول أسرع نحو مجتمع متكافل ومتماسك، صحي وسليم.

*الصورة من النت