أخبار وتقارير
باعة الطيور المتنقّلين… تحديات مستمرة تواجه عملهم
آفين علو
تسبب الارتفاع المستمر لسعر صرف الدولار الأمريكي وانخفاض قيمة الليرة السورية إلى عزوف العديد من مربي الدواجن والطيور عن تربيتها بغرض التجارة، كما أنّ إغلاق المعابر أثرت بدورها على تراجع استيراد أنواع عديدة من الطيور، ما جعل أصحابها ينصرفون عن العمل، ويلجأون للبحث عن أعمالٍ أخرى يكسبون منها قوت يومهم، في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي تعيشها عموم البلاد التي أنهكتها سنوات الحرب.
اعتاد “عمر حسين” البائع المتنقل بين الحسكة والدرباسية، أن يفترش أرض الأسواق الشعبية بأقفاصه المحتوية على العديد من أصناف الديوك والدجاج، منذ ما يقارب 20 عاماً في فصلي الصيف والشتاء.
ورغم ترك الكثيرين لهذه المهنة، بقي البائع الخمسيني عمر مستمراً في عمله، رغم الظروف الصعبة التي تواجهه، حيث يخرج صباح الأحد باكراً، قبل أن يرتشف الشاي، ويضع أقفاصاً عديدة للديوك والدجاج، والأرانب في عربته، ويقطع مسافات طويلة للوصول إلى وجهته، إضافة إلى ذلك يذهب عمر أيام الجمعة إلى سوق قرية “سيكرا” التابع لمحافظة الحسكة، لكسب رزق يومه.
وتشهد الأسواق الشعبية المتنقلة التي تعرف أسماؤها بأيام الأسبوع، تزاحماً، في وضع كل بائع بضاعته في المكان المناسب، كذلك اعتاد البائع عمر إلى وضع أقفاصه في مكان خاص به، في سوقي “الأحد والجمعة”، ويجذب أنظار المارة الذين يهتمون بتربية الديوك والدجاج من أهل المدينة والقرى.
بين تلبية رغبات الزبائن والبيع الآجل
كان عمر فيما يمضي يمهل زبائنه أحياناً بعض الوقت، لتسديد قيمة الطيور التي يشترونها منه، لكنّه لم يعد يفعل الشيء ذاته معهم، بسبب تغير الظروف الاقتصادية، حيث يقول لشبكة آسو الإخبارية: “قبل عام 2019 كان العمل جيداً، لأنني انتقلت من الرقة والشدادي، وكنت أقتني وأرسل حوالي 40 قفصاً لأنواع عديدة من الدواجن إلى إقليم كردستان، وفي الحسكة كنت أبيع مئة طائر خلال أسبوع، لكن الآن تغير الوضع كثيراً، وتم إغلاق الطرق، إضافة إلى ذلك فسعر الدولار غير مستقر، وهنا نضطر ألا نتعامل مع الزبائن بالبيع بالدين”.
ديوك عمر معروفة بتميزها، فالأشخاص الذين يريدون وضع طائر جميل في منزلهم أو الحصول على ديك جيد للحفاظ عليه وإطعامه، يجدون طلبهم عنده.
الاستمرار رغم الصعوبات
يواجه عمر صعوبة بالغة في الحصول على الدواجن، ولم يعد الناس يقصدونه من كل حدبٍ وصوب لشراء أنواع عديدة من الطيور والدواجن كما كان في السابق، حيث يقول: “سابقاً كنت أستطيع الذهاب إلى الشدادي والرقة لجلب الديوك والدجاج، أما الآن وبسبب ارتفاع أسعار الوقود، أصبحت أكتفي بشرائهم من الأسواق الموجودة في المنطقة، وأحضرهم إلى مزرعتي ذات الـ (500) متر، الواقعة في حي خشمان بالحسكة”.
يرفع “عمر حسين”، دلواً من العلف وينثره على الأرض، وتلمحُ الابتسامة ترتسم على شفتيه، عندما يطعم هذه الطيور بيديه وتتزاحم فيما بينها ليحصل كل واحد منها على طعامه الذي يحصلون عليه مرتين في اليوم.
ويصف عمر طريقة الحصول على الأعلاف بالمهمة الشاقة، والصعبة، وذلك بسبب غلاء أسعارها فيقول لشبكة آسو: “ليس لأمثالي بطاقة إيصال، لذلك أشتري القمح والذرة والخبز الجاف من السوق بتكلفة إضافية، ما يزيد من عبئي، ولا سيّما أنه يجب تقديم وجبة جيدة للطيور في فصل الخريف، لأن بداية الشتاء تجعل أمعاءهم جافة. وكل هذا يؤدي إلى ارتفاع أسعار الطيور، ومع بداية العام المقبل سيصل سعر بعض الأنواع من هذه الطيور إلى 300 ألف ليرة سورية.”
ويأمل عمر عودة الحياة إلى طبيعتها، ليستمر العمل في هذه المهنة، وقال “عندما يفتح المعبر بين مناطقنا وإقليم كردستان العراق، سيعود عملي إلى سابق عهده وربما تنشط حركة بيع الدواجن من جديد، وبالتأكيد سيكون هناك المزيد من الباعة”.