Connect with us

أخبار وتقارير

مشروع “البطاقات الشخصية”… باب تمويل جديد لهيئة تحرير الشام ضمن مناطق سيطرتها

نشر

قبل

-
حجم الخط:

خليل عبد الرحمن – إدلب

قامت حكومة الإنقاذ السورية وهي الجناح المدني التابع لـ “هيئة تحرير الشام” منذ نحو شهر، بإقرار مشروع طرحته في وقت سابق، بفرض بطاقات شخصية على جميع السكان المدنيين الخاضعين لسيطرتها في إدلب وريفها وأجزاء من ريف حلب الغربي وريف حماة الغربي.

وافتتحت حكومة الإنقاذ، مراكز في بلدات مختلفة، تعمل على فرض استخراج البطاقات الشخصية، كما قامت بالعمل على تطبيق أصدرته يتم استخدامه في الأجهزة الجوالة، بهدف تسهيل عملية التسجيل بنظام “الدور” لاستخراج البطاقة الشخصية.
ويفرض استخراج البطاقة شروط محددة، لكن المفاجئ للأهالي كان فرض رسوم تقدر بـ “10 دولار أمريكي” ما يقارب 290 ليرة تركية كعملة متداولة في تلك المناطق مفروضة من قبل تركية ضمن سياسة يعتبرها مراقبون أنها سياسة (تتريك المنطقة)”.

أحد النشطاء في المنطقة “ي. ا” (تم إخفاء هويته حرصًا على سلامته الشخصية”، وهو نازح من ريف حمص ويعيش في مناطق حكومة الإنقاذ، يقول لشبكة آسو الإخبارية، يقول إن البطاقة الشخصية الصادرة عن هيئة الإنقاذ التابعة للهيئة، تدر النفع المادي على الهيئة وهي بوابة جديدة لاستجلاب الأموال، كما إنها تشكل حالة استغراب لدى الأهالي، بأن حكومة الإنقاذ تعمل من خلال هذه البطاقات على تعزيز الانقسام المناطقي في سوريا، “ربما هي خطوات من قبل الهيئة إلى ترسيخ سلطتها كأمر واقع والعمل على عزل المنطقة التي تسيطر عليها كدويلة منفصلة داخل سوريا”.

ويضيف “ي.ا” إلى أن المدنيين في المنطقة ضمنيًا ساد بينهم حالة رفض لفرض البطاقات الشخصية، خاصة أن كل بطاقة يتم استخراجها تكلف بقيمة مادية تقدر بنحو (10 دولار أمريكي)، وأن المجتمع بات يعتبر أن مثل هذه القرارات هي مجرد “باب رزق” جديد تفرضه الهيئة على المجتمع “برغم أن المجتمع يدرك تمامًا أن البطاقات الشخصية ستكون حدودها فقط مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام ولن يكون هناك اعتراف بها (..)”.

بوابة جديدة لكسب الأموال
المشروع الجديد يساهم بزيادة الأموال في خزينة هيئة تحرير الشام التي تفرض نفسها على المجتمع بـ “النار والحديد”، يقول “خالد محمد” (اسم مستعار) لشاب من أهالي بلدة كفر تخاريم بريف إدلب الشمالي “منذ تأسيس حكومة الإنقاذ التابعة للهيئة، لا توفر جانب في استغلال الأهالي وفرض ضرائب ورسوم وإتاوات عليهم، وهذه الأموال تذهب دومًا لصالح قيادات الحكومة التابعين للهيئة، والذين ينعمون بحياة مادية واضحة في حين أن المدنيين يعانون أوضاع معيشية صعبة وظروف اقتصادية سيئة”.

ولم تعد سوريا تصنف اليوم بشكل موحد جغرافيًا، فباتت مسألة الانقسام الإداري والمناطقي في سوريا متداولة في التصريحات السياسية وفي الجانب الإعلامي والجانب المدني والعسكري، فاليوم لدينا في سوريا مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة السورية ومناطق خاضعة لسيطرة المعارضة السورية ومناطق خاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية الديمقراطية، وبالعودة لمناطق سيطرة المعارضة، التي تصنف مناطق حكومة الإنقاذ، فإن مناطق المعارضة تنقسم بين مناطق خاضعة لنفوذ حكومة الإنقاذ ومناطق خاضعة للحكومة السورية المؤقتة.

المشروع الذي تفرضه الهيئة، سبقته مشاريع قامت بها الحكومة السورية المؤقتة بفرض قوانين مختلفة، وفرض العملة التركي ودعمت قيام الاحتلال التركي بفرض البريد التركي والعملة التركية فيما يصفه ناشطون بأنه عملية “تتريك للمنطقة”.

ويساوي ثمن تكلفة الحصول على البطاقة الشخصية المفروضة من قبل حكومة الإنقاذ أجرة عمل مدني لأربعة أيام على الأقل في مناطق سيطرة هيئة الإنقاذ، في حين أن غالبية سكان المنطقة هم من مهجرين وقاطني مخيمات، لا تسمح ظروفهم المعيشية بقدرة تسديد الرسوم في ظل انعدام فرص العمل وارتفاع الأسعار كما يقول “خالد محمد”.

بطاقات هيئة الإنقاذ ليس لها قيمة… ولا تحل بديل عن بطاقات الحكومة السورية
يقول محامي من ريف إدلب فضل عدم الكشف عن اسمه، في الإجابة عن سؤال حول البطاقات التي قامت حكومة الإنقاذ بفرضها على المجتمع، “تدرك حكومة الإنقاذ أن البطاقات التي تقوم بفرضها على المجتمع ليس لها قيمة، ولن تكون سوى بطاقات يتم التعامل بها بمنطقة محصورة بسيطرة حكومة الإنقاذ فقط، وهي مصدر مالي جديد للهيئة لكن في الحقيقة لن تكون بديل مثلًا على البطاقات والورقيات المتعلقة بالحكومة السورية التي تخول السير بها ويتم التعامل معها بشكل رسمي”.

ويضيف بأن الغريب أن هذه المناطق التي هي تحت رعاية تركيا، يتم استصدار قرارات مختلفة لورقيات تفرض على المجتمع، “بنفس الوقت الذي تتعامل تركيا مع السوريين بدوائرها الحكومية ومع اللاجئين السوريين، حصرًا عبر ورقيات وثبوتيات تصدر عن مناطق الحكومة السورية”.

وبعد فرض البطاقات الشخصية على المدنيين، قامت الحكومة بفرض قرار يمنع التعامل بالبطاقات الشخصية الصادرة عن الحكومة السورية، وأن جميع المعاملات في دوائر ومؤسسات حكومة الإنقاذ والمناطق الخاضعة لسيطرتها ستتم عبر البطاقة الشخصية الصادرة عن حكومة الإنقاذ.

حكومة تفرض ذاتها بالقسوة ولا تقدم شيء
يقول “سعيد” وهو مدني يعيش في مناطق سيطرة حكومة الإنقاذ، في عرض رد على صدور البطاقات الشخصية الجديدة، “نحن ندفع الرسوم فقط دون أي تقدم في الحياة، علينا دفع ضرائب المرور وضرائب النظافة، والطرقات، والإتاوات المفروضة على المعابر وفي الأسواق ولدى التجار، والآن ندفع مقابل بطاقة شخصية (غير معترف بها) لكن ماذا فعلت الحكومة لنا (لا شيء.. لا شيء)”.

معاناة سعيد ليست معاناة فرد واحد في مجتمع تقوده حكومة تتبع تنظيم مصنف على قوائم الإرهاب، ويتبع فكر جهادي منافي للقيم المدنية التي يسعى السوريون إليها، فعائلة خاتون وهي سيدة في منتصف القعد الرابع، وتقطن في مخيم بمنطقة “دير حسان” في ريف إدلب الجنوبي”، تحت سقف خيمة وأواني وأدوات شخصية مصفوفة في الخيمة وتعيش فيها منذ عام 2018 بعد أن نزحت من منطقة جبل الزاوية إلى العيش في الخيم، تقول إن فرض البطاقات الشخصية من قبل حكومة الإنقاذ هو عبء مادي جديد علينا، “إن الأمور تصبح أكثر تعقيدًا يوم بعد ذوم”، تدمع عينا السيدة ويتكئ طفلها الصغير على ساقها وتبدو علامات اليأس على وجوه هؤلاء الأطفال والحسرة، تقف لبرهة وتقول “نعيش أنا وزوجي وطفلين في الخيمة، نحن مطالبون الآن باستخراج 4 بطاقات شخصية للعائلة، وكل بطاقة تكلفتها 10 دولار، أي ما يعادل 40 دولار (1200 ليرة تركية)، وهذا مبلغ كبير جدًا مقارنة بواقع ظروفنا الاقتصادية، خاصة أن زوجي لا يملك العمل فهو يبحث عن فرصة عمل منذ مدة، ونعيش اليوم على تقدمه لنا المنظمات الإنسانية ومساعدات خارجية من أقارب زوجي”.

ربما حال عائلة خاتون أقل وطأة مادية من حال الكثير من سكان المخيم، فغالبا ما يصل أفراد الأسرة الواحدة إلى أكثر من 5 إلى 6 أشخاص، ويتفق العديد من الأسر التي تعيش في المخيم بالتساؤل، ما الفائدة من هذه البطاقات الشخصية، إن لم تكن مجرد باب سرقة جديد وإتاوة تفرض على المدنيين، “برغم أن الحكومة تدرك أن المدنيين الذين يعيشون في المخيم يعيشون حياة صعبة وبعيدة عن الحياة الطبيعية، وبدل أن تقوم حكومة الإنقاذ بفرض أتاوات جديدة عليها توفير المساعدة والدعم لـ (النازحين والمهجرين) بدل فرض ضرائب ترهقهم”.

قاطنوا المخيمات يرفضون البطاقات
تقول خاتون إن المبلغ المادي المحدد لدفع سعر البطاقة الواحدة، يمنع العديد من سكان المخيم للذهاب واستخراجها “هي أكثر من طاقاتنا المادية”، وتضيف بالفعل قررنا عدم الذهاب لاستخراج البطاقات، وفي حال تم سؤالنا عن سبب عدم إخراج البطاقات، سنقول لا نملك المال لاستخراجها”.

حتى الآن لم يتم فرض استخراج البطاقة على مساحة سيطرة حكومة الإنقاذ كافة، ولا يعلم القاطنين في المخيم مصير عدم قيامهم باستخراج البطاقات، لكن المحامي مصدرنا من ريف إدلب يعتقد أنه حسب التجربة مع هيئة الإنقاذ، إنها عندما تقوم بفرض قرار على المجتمع سيكون الجميع ملزم بتنفيذه حتى لو استخدمت أسلوب الترهيب مع المجتمع!

يقول الصحافي “قاسم المحمد” (اسم مستعار)، ويعيش في إدلب، إن هذه البطاقات لا حاجة لها بيم المجتمع، حيث أن العالم اليوم يتعامل مع الثبوتيات السورية بحسب الصادرة عن “نظام دمشق” فلماذا يتم فرض ثبوتيات جديدة وإتاوات مادية!
بحسب قاسم فإن المؤسسات والدوائر كانت تتعامل مع كافة السوريين في مناطق سيطرة حكومة الإنقاذ، عبر الثبوتيات الرسمية الصادرة عن “نظام دمشق”، ومن لم يكن يمتلك هوية سورية كان يقوم باستخراج “إخراج قيد” كافي لإدارة شؤونه في المؤسسات، “فجأة تم اصدار هذه البطاقات وفرضها على المجتمع”.

يقول قاسم إن نحو 4 ملايين مدني يعيشون في مناطق سيطرة حكومة الإنقاذ لو أننا حددنا نسبة النصف للحصول على البطاقة الشخصية فنحن نتحدث عن 2 مليون بطاقة مثلًا، فإن العائدات المالية لهذا المشروع قد تقدر بنحو 20 مليون دولار أمريكي، وهذا المبلغ بالطبع “سيذهب لخزينة الهيئة، ويعتبر باب تمويل جديد لتنظيم يقوده (أبو محمد الجولاني)، وهنا يمكن فهم كيف تعتمد الهيئة على تمويل ذاتها وشراء السلاح (..)!

من خلال تجربة قاسم مع الهيئة، أن آلية فرض البطاقات على المجتمع سيتبعها المطالبة بالبطاقات على الحواجز العسكرية، وآنذاك من لا يملك البطاقة سيتم فرض عقوبات أو غرامات عليه، كآلية ضغط لاستصدارها، بالتزامن مع منع التعامل ببطاقات شخصية تعود للحكومة السورية، سيكون الأهالي ملزمين على استخراج هذه البطاقة”.

وتعمد الهيئة سياسية التسيير بدل التخيير، وهي بذلك تفرض الخناق على الأهالي، في محاولة لفرض سيطرتها على المجتمع بالقوة، والنفوذ، وعبر فرض الضرائب والاتاوات واعتقال كل من يخالفها ويقف بوجهها وزجهم في السجون.