Connect with us

أخبار وتقارير

انتشار المشاريع الدينية في مخيمات الشمال السوري في ظل واقع معيشي سيّء

نشر

قبل

-
حجم الخط:

خليل عبد الرحمن – إدلب

مع استمرار الأحداث في سوريا وتردي الأوضاع المعيشية يوماً بعد آخر لمئات آلاف النازحين والمهجرين في مخيمات الشمال السوري، ومع تقاعس الجهات المعنية والمنظمات الدولية والمحلية عن تقديم الدعم اللازم لهذه المخيمات، كانت المبادرات الفردية والدعم من قبل الأفراد الملاذ الوحيد لهؤلاء النازحين، حيث قدم الكثير من الأشخاص الداعمين من جنسيات عربية مختلفة دعماً لتجمعات المخيمات وتنفيذ مشاريع تنموية، إلا أن ذلك أخذ بالتغير خلال السنوات القليلة الماضية، وبدأت تطفو على السطح ظاهرة دعم المشاريع ذات المنحى الديني، بعيداً عن توفير الغذاء والدواء والتعليم.

ويشتكي الكثير من النازحين والمهجرين في الوقت الراهن، ضمن تجمعات مخيمات النازحين في مناطق إدلب وريفها، الخاضعة لسيطرة “هيئة تحرير الشام” من ظروف معيشية قاسية، لا تتوفر فيها أدنى مقومات الحياة، ولا سيّما خلال فصل الشتاء، في حين يتوجه فيه داعمون من السعودية وقطر والكويت لتنفيذ مشاريع ذات طابع إسلامي، مثل بناء المساجد ومراكز تحفيظ القرآن والمعاهد والمدارس الإسلامية، وعلى الرغم من عدم معارضة غالبية النازحين لهذه المشاريع، كون غالبيتهم مسلمين، إلّا أنهم يطالبون بالتخفيف منها، وإيلاء توفير السلل الغذائية والدواء ومياه الشرب والخبز الأولوية، وعدم صبّ كلّ الدعم في مثل هذه المشاريع.

وفي هذا السياق، يقول الناشط الإعلامي (خالد.ع) في حديثه مع شبكة آسو الإخبارية المقيم في بلدة الدانا في ريف إدلب الشمالي: إن “الداعمين من رجال أعمال وغيرهم من دول الخليج وفلسطين تختلف أهدافهم من واحد لآخر فكل داعم منهم يصب دعمه في مكان معين وهنا الجمعيات التي تنفذ له مشاريعه أو الأشخاص الذين يعتمد عليهم، لا يجرؤون حتى في مناقشته في دعمه وأين يذهب خشية أن يتوقف بشكل كامل” مشيراً إلى أنّ “ظاهرة إقامة المشاريع الإسلامية اتسعت بالفعل خلال الآونة الأخيرة وأصبحت بالنسبة لكثير من هؤلاء الداعمين من الأولويات، وحتى الآن لم نجد تفسيراً لهذه القضية”.

ويضيف بالقول: “الآن في أي مخيم تذهب إليه حتى لو كان صغيراً ستتفاجأ بوجود أكثر من 3 مساجد، رغم أن بعض المخيمات لا يتجاوز عدد العائلات فيها 100 عائلة، وإذا قمنا باستثناء النساء والأطفال، فإن عدد الرجال والشبان ضمن المخيم الواحد قليل جداً قد لا يتجاوز 30 شخصاً، فلا تفسير منطقي لوجود كل هذه المساجد”.

ويتابع حديثه قائلاً: “كما أنّ هناك أعداداً كبيرة من مراكز تحفيظ القرآن والمدارس الإسلامية، ونتيجة لهذا كله فقد بدأ الأهالي بالتذمر لعدم وضع هذه الأموال أو قسم منها في مشاريع تنموية مثل توفير الخبز الذي يعد من أكثر الأعباء ثقلاً على كاهل العائلة النازحة، فضلاً عن توفير السلال الغذائية ومياه الشرب، وتجهيز الصرف الصحي للمخيمات وتركيب خيام جديدة وتعبيد الطرقات وغيرها الكثير من الضروريات”.

كما يقول الشاب (محمد.س) 30 عام، في حديثه لشبكة آسو الإخبارية، واصفاً حالتهم المعيشية: “أنا متزوج ولدي طفلان وأقيم في أحد مخيمات منطقة أرمناز في ريف إدلب. أعمل في المياومة كعامل عادي بأجر يومي لا يتجاوز الدولارين (ما يقارب 30 ألف ليرة سورية)، وأحياناً أبقى لعدة أيام دون عمل، ومع طول فترة النزوح لي ولعائلتي من منطقة ريف إدلب الجنوبي التي تعدت 5 سنوات، تضاعفت مأساتنا بشكلٍ كبير جدا”.ً

ويضيف بالقول: “منذ أكثر من عام لم أتلقَّ أية مساعدة، سواء سلة غذائية أو أي شيء آخر، في حين نجد أنّ المتبرّعين يتوافدون على تنفيذ مشاريع إعمار مساجد ودور تحفيظ القرآن، وهناك إهمال كبير للأشياء الضرورية لحياة الإنسان”.

لافتاً إلى أنّ “المنظمات الإنسانية الكبرى، تراجعت في دعمها كثيراً، ويتم حالياً الاعتماد على الجمعيات الصغيرة والمبادرات والدعم من المتبرعين، لكن هناك سوء إدارة لهذا الدعم فكل داعم يريد أن يعمل حسب ما يراه دون التفكير بالأساسيات”.

وتقول السيدة (مريم.خ) في حديثها مع شبكة آسو الإخبارية: “أقيم مع زوجي وأطفالي الأربعة في أحد المخيمات، ضمن تجمع أطمة الحدودية، ويعمل حالياً في أحد المحال/ مقابل مادي قليل جداً لا يكفي لسداد نصف احتياجاتنا اليومية”.

وتعبّر عن رأيها في المشاريع المذكورة أعلاه قائلةً: “إن موضوع بناء المعاهد الشرعية والمساجد ومراكز تحفيظ القرآن ليس بأهم من حياة النازحين، مع أهميته بالنسبة لنا كمسلمين، لكن كيف لهذا الطفل أن يذهب للدراسة وينجح وهو يعاني الأمرين في خيمته مع أهله؟”

وتكمل (مريم.خ) قائلة: “نشاهد أحياناً إقامة حفلات افتتاح مثل هذه المشاريع، يتضمن الحفل غداءً فاخراً لعدد كبير من المسؤولين في الجمعية التي أشرفت على تلقي أموال المتبرع ونفذت المشروع، فضلاً عن الزينة والهدايا وغيرها”. وترى أنّ “هذه الأموال يجب أن تقدم لدعم النازحين والمهجرين لاسيما ونحن في فصل الشتاء البارد والمعاناة الكبيرة التي نعيشها”.

ومن خلال استطلاع آراء العديد من النازحين والمهجرين تبين بأن هناك احتقاناً واستياءً كبيراً من قبلهم، بسبب مواصلة هؤلاء المتبرعين والداعمين في بناء المشاريع ذات الطابع الديني، وإغفالهم للأوضاع السيئة التي يعيشها النازحون والمهجرون في هذه المخيمات.

ويشار إلى أن العديد من النازحين والمهجرين حمّلوا “هيئة تحرير الشام” المسؤولية عن انتشار هذه المشاريع وإهمال أوضاعهم المعيشية، فهي لديها قوة أمنية تستطيع من خلالها الحد من ذلك لكن هناك تعمداً غير مفهوم الأسباب لترك هؤلاء المتبرعين يعملون وفقاً لهواهم، دون إدارة أو تخطيط لهذه المبالغ الضخمة التي تصرف من قبلهم.