مدونة آسو
حماية اللاجئين ضرورة ملحة… اللاجئون السوريين في تركيا مثالاً
هذه المادة منشورة بالتعاون بين شبكة الصحفيين الكرد السوريين (SKJN) وشبكة آسو الإخبارية في برنامج تعاون ضمن مشروع “المرآة” حول حقوق الإنسان والحريات العامة.
نوهرين عبد القادر
حقوق اللاجئين هي مجموعة من الحقوق التي تمنح للأشخاص الذين يُعتبرون لاجئين وفقًا لتعريفات القانون الدولي، وهم الأشخاص الذين يفرون من بلدانهم بسبب الخوف من التعرض للاضطهاد بسبب جنسيتهم أو عرقهم أو دينهم أو انتمائهم السياسي، ويطلبون الحماية والملاذ في دولة أخرى.
وتنص مواثيق حقوق اللاجئين في القانون الدولي والإعلانات الدولية على حق الحماية والملاذ، إذ يحق للاجئين طلب الحماية واللجوء في دولة أخرى وعدم ترحيلهم إلى بلد يهدد حياتهم أو حريتهم، ولهم حق الحياة والحرية دون تعرض للتعذيب أو المعاملة القاسية أو الظروف المهينة.
كما يتمكن اللاجئون من الحصول على فرص عمل عادلة ومناسبة، والاستفادة من حقوق العمل والحماية المتعلقة بها، بالإضافة يجب أن يكون للاجئين حق الوصول إلى التعليم الأساسي والتعليم العالي على قدم المساواة مع المواطنين الآخرين، وأن يحصل اللاجئون على الرعاية الصحية اللازمة والوصول إلى الخدمات الطبية المتاحة في البلد المضيف، ويبقى حق عدم الترحيل القسري للاجئين كأبرز الحقوق التي يجب حمايتها وأن يتمتع بها اللاجئون حول العالم.
تلعب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) دورًا مهمًا في حماية حقوق اللاجئين والعمل على توفير الحماية والمساعدة لهم في جميع أنحاء العالم، وقد تختلف قوانين وسياسات حقوق اللاجئين بين البلدان وفقاً للتشريعات الوطنية والمعاهدات الدولية التي تم التصديق عليها.
تشدد العديد من المنظمات والهيئات الدولية على أهمية التعاون الدولي في حماية حقوق اللاجئين. تعمل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) ومنظمة الهجرة الدولية (IOM) ومنظمة الأمم المتحدة والعديد من المنظمات غير الحكومية الأخرى على تقديم الدعم والمساعدة للاجئين والعمل مع الدول لتعزيز حقوقهم.
يواجه اللاجئون العديد من التحديات والتهديدات في مجال حقوقهم، بعضها يتعلق بالتمييز والعنصرية والعنف والاستغلال الجنسي وتجارة البشر، من المهم التأكيد على ضرورة حماية اللاجئين من هذه التهديدات ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوقهم.
وانتهجت تركيا سياسات جديدة بغية ترحيل اللاجئين السوريين بشكل قسري تحت مسمى “العودة الطوعية” نحو الأراضي السورية التي تحتلها في الشمال السوري، معتبرة ذلك أحد إنجازاتها وتسمي المناطق التي تحتلها بالمنطقة الآمنة، بعد أن استضافت اللاجئين السوريين لأكثر من عشرة أعوام بموجب قانون الحماية المؤقتة “الكملك” الذي صدر في نيسان 2014، والذي ينص على حماية اللاجئين المقيمين في البلاد وإدارة ملف اللاجئين، أبرزها عدم الإعادة القسرية.
وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان في تقرير نشر بتاريخ 12 آذار الفائت، إلى ترحيل 417 لاجئاً سورياً من قبل السلطات التركية منذ مطلع العام الجاري، جرت بشكل قسري من عدة معابر حدودية بين سوريا وتركيا غالبيتهم يحملون الأوراق الثبوتية وبطاقة الحماية المؤقتة “الكملك”، دون أي مبررات لترحيلهم.
ويقيم في تركيا ثلاثة ملايين و118 ألفًا و499 لاجئًا سوريًا، بحسب أحدث إحصائية صادرة عن الرئاسة العامة لإدارة الهجرة التركية، بينما في أيار 2022، كان يقيم في تركيا ثلاثة ملايين و763 ألفًا و447 لاجئاً سورياً.
وتنص المادة رقم “33” من اتفاقية 1951 الخاصة بوضع اللاجئين على أنه “لا يجوز لأي دولة متعاقدة أن تطرد لاجئًا، أو أن تعيده قسرًا بأي صورة من الصور إلى حدود الأقاليم التي تكون حياته أو حريته مهددتين فيها بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معيّنة، أو بسبب آرائه السياسية” وتعد تركيا طرفاً في الاتفاقية.
ويعد التهجير القسري أبرز انتهاكات حقوق اللاجئين في تركيا، ويؤدي إلى تعطيل حياة اللاجئين وتشتيت عائلاتهم، ويعرضهم لمخاطر مختلفة، بحسب الناشط السوري المقيم في اسطنبول عبد الغني خضر (اسم مستعار).
وأضاف “خضر” بأن تركيا تتعامل بشكل أمني مع قضية اللاجئين أكثر من التعامل بشكل إنساني ووفق اتفاقيات حقوق الإنسان الخاصة باللاجئين حيث يعيش اللاجئ السوري حالة المنفيين داخل الولايات التركية، فمن يملك بطاقة الإقامة المؤقتة التي منحتها تركيا للاجئين في ولاية معينة، فإنه يمنع من السفر إلى أي ولاية أخرى أو العمل في ولاية أخرى تحت طائلة التهديد بالترحيل وسحب البطاقة، لهذا السبب السوري المقيم في تركيا لا يشعر بحالة الاستقرار ودائم التفكير في مغادرة تركيا الهجرة نحو أوروبا.
ومن جهة أخرى، يتعرض السوريين للمواقف العنصرية من قبل المواطنين الأتراك وهذه الحالات قد كثرت في السنوات الأخيرة، ولم يقتصر الأمر على المواطنين الأتراك فقط، فإن الساسة الأتراك يعتبرون قضية اللاجئين السوريين ورقة سياسية ويلعبون على هذا الوتر، فتجدهم في المسابقات الانتخابية يحاولون إرضاء الجمهور التركي، وأنهم في حال استلامهم السلطة سيقومون بترحيل الأجانب من تركيا وخاصة السوريين منهم، مما يفسر استياء المواطن التركي من وجود اللاجئين السوريين على الأراضي التركية.
كما يواجه اللاجئون التمييز والكراهية ويتعرضون للإقصاء الاجتماعي والتهميش والمعاملة غير المتساوية بسبب وضعهم كلاجئين وهو ما يؤثر على حصولهم على التعليم والعمل والخدمات الاجتماعية.
وأوضح خضر بأن غالباً ما يؤدي الترحيل القسري إلى انفصال العائلات، حيث ينتشر أفرادها بين سوريا وتركيا والدول الأوربية، ويشكل هذا الانفصال انتهاكات لحقوق اللاجئين في وحدة الأسرة ويمكن أن يؤدي إلى آثار نفسية سلبية على المرحلين وعائلاتهم بالإضافة إلى الضائقة المالية بسبب ترحيل الرجال والشباب العاملين.
يجب أن يعترف العالم بحقوق اللاجئين الإنسانية، وفقًا للقانون الدولي، ويجب أن يعامل اللاجئون بكرامة وأن يتمتعوا بحقوقهم الأساسية، بما في ذلك الحق في اللجوء والحماية من الترحيل القسري، وتوفير إمكانيات الاستقرار والحياة الكريمة للاجئين السوريين في تركيا وفي البلدان الأخرى المضيفة.
*الصورة من النت