أخبار وتقارير
“الكلاب الشاردة” المنتشرة في أحياء قامشلو تثير مخاوف الأهالي.. والحلول والمبادرات دون تطبيق!
آسو – أفين علو
تعيش “هبون” في الحي الغربي بمدينة قامشلو / القامشلي، تتطلب وظيفتها التحضير كل صباح للذهاب إلى العمل، لكن شيء ما يؤرق خروجها من المنزل كل صباح… كثافة تواجد “الكلاب الشاردة” أمام باب منزلها، وعلى الأرصفة الممتدة في الحي الذي تقطن فيه.
ومشهد انتشار الكلاب الشاردة بات واضحًا في أحياء مختلفة من مدينة قامشلو، فالأهالي الذين يرسلون أبناءهم للمدارس كل صباح باتت تتملكهم الخشية من الكلاب الشاردة المنتشرة.
تقول “هبون” في حديثها لشبكة آسو الإخبارية، “اضطر أحيانًا لرمي الماء قرب الكلاب أو رمي حجارة بالقرب منهم، حتى يتحركوا من أماكنهم كي أستطيع الخروج من المنزل”.
تضيف “هبون” أنه ربما لا يكون هناك شراسة واضحة من الكلاب تجاه الأهالي، لكن هذا لا يعني ألا يكون هناك حيطة وحذر من نتائج سلبية، من قبل الكلاب، على أبنائهم.
مناشدة الجهات المسؤولة
التخوف لدى “هبون” من هذه الظاهرة جعلها تناشد البلدية والسلطات المحلية بإيجاد حل لهذه الظاهرة المنتشرة.
وكانت الحلول المعمول بها من قبل البلديات في مناطق مختلفة سابقًا، هو قتل الكلاب، لكن يرى مختصون أن قتل الحيوانات يساعد بانعدام التوازن البيئي، لكن تقول “هبون” القتل غير مفيد أيضًا انتشارها غير مفيد “يجب أن يكون هناك حلول مقترحة كتجميع هذه الكلاب في محميات مخصصة”.
ويشتكي الأهالي من انتشار الكلاب الذي لا يقتصر على الأحياء فقط، فقد باتت ظاهرة رؤية الكلاب في النهار والليل بالمدينة، منتشرة في الأسواق وعند مداخل المحال والعيادات.
الخشية من الأمراض
السيدة “أسماء” وهي معلمة تعيش في حي القوتلي وسط المدينة، تقول إن ظاهرة انتشار الكلاب لا تقتصر على الخوف من تعرض الكلاب للأهالي فقط، لكن الخوف من أن تكون هذه الكلاب الشاردة مصابة بأمراض.
وتطالب “أسماء” بإيجاد حل وانشاء محميات للكلاب الشاردة في مختلف مدن وبلدات شمال وشرق سوريا.
مدير إحدى المدارس في قامشلو (فضل عدم كشف اسمه)، يؤكد ظاهرة انتشار الكلاب الشاردة أمام أبواب المدارس، معتبرًا أن منظرها غير لائق ويساهم بحالات خوف شديدة لدى الأطفال وتلاميذ المدارس.
ويشير مدير المدرسة إلى أن “الكلاب الشاردة” والتي قد تحمل أمراضاً وأوبئة تشكل خطراً على صحة الطلاب “لا سيما نحن مقبلون على فصل الصيف”.
ويخشى الأهالي من أن تكون هذه الكلاب “مسعورة” (كما هو منتشر في ثقافة اللغة المجتمعية)، فيُخشى من عضة الكلب المسعور التي قد تتسبب بما يعرف بمرض “داء الكلب”، وهو مرض فيروسي ويؤثر على الدماغ مباشرة بحسب الطبيب “محمد عيسى” وهو طبيب أطفال من قامشلو.
ويقول الطبيب “محمد عيسى” إن مرض “عضة الكلب” ينتقل عن طريق اللعاب بين الكلاب، وينتقل إلى الإنسان عن طريق العضة أو لحسة الكلب لجسم الإنسان، وتنتقل بذلك الجرثومة للإنسان وهي خطيرة جداً حسب وصفه.
وينصح الأطباء عند عضة الكلب باتباع العلاج مباشرة باعتبارها معدية، فينبغي قبل كل شيء غسل الجرح وتعقيمه، وفي حال كان الجرح مفتوحاً يترك كما هو.
وتتوفر أبر عضة الكلاب في المستشفى الوطني وفي صيدلية علايا في قامشلو.
وفي الدرباسية تتوفر في مستوصف مدينة الدرباسية وتل بيدر بحسب ما صرح به الدكتور البيطري “فارس عثمان” مدير مكتب الصحة في بلدية الشعب في قامشلو.
وبحسب أطباء مختصين يجب أن يتم أخد الإبر باستشارة الطبيب عبر أخذ ثلاثة أبر (مصل داء الكلب)، إبرة كل ثلاثة أيام.
وبحسب الإحصائيات المتوفرة في مركز تل بيدر الطبي لعام 2023، بلغ عدد المصابين بداء الكلب 25 شخصاً، وفي ناحية عامودا تم تسجيل 64 حالة منذ بداية العام حتى شهر أيار/مايو الحالي.
وكانت البلدية قبل سنوات تعمد إلى قتل الكلاب الشاردة في الشوارع، الأمر الذي لاقى انتقاد المنظمات الإنسانية بحسب “أمل شمدين” الرئيسة المشتركة لبلدية مدينة قامشلو.
وتقول مسؤولة البلدية لشبكة آسو الإخبارية، “ليس لدينا أي حلول في الوقت الحالي، ولكن في المستقبل وبمساعدة بعض المنظمات، يمكن تخطيط إنشاء محميات لهذه الكلاب” دون أن تحدد التوقيت وآلية الحلول الممكنة (..).
وقبل سنوات تقدمت جمعية “رفقاً بالحيوان”، بمقترح مشروع لهيئة البلديات في شمال وشرق سوريا، وذلك بإنشاء محمية في نافكوري غربي قامشلو، تبلغ مساحتها حوالي 40 دونماً، لكن لم تتم الموافقة من قبل مجلس بلدية الشعب في مقاطعة الجزيرة إلا على مساحة أقل بكثير بحسب مديرة الجمعية.
وتشير مديرة الجمعية “سعاد ملكي” لشبكة آسو الإخبارية إلى أنهم واجهوا مشكلة وخلاف على مساحة الأرض المحددة، إذ وافق مجلس البلدية على مساحة “5” دونم فقط، “هذه المساحة ليست كافية لانشاء محمية واحتواء الكلاب من شمال وشرق سوريا، فالمساحة تتطلب أيضًا بناء مركز طبي وغرف للاعتناء بصحة الكلاب ومراقبتها”.
بين بيروقراطية القرارات، وعدم اتفاق الجمعيات مع الجهات المحلية المسؤولة، تبقى هذه الكلاب الشاردة منتشرة بكثافة في الأحياء والأسواق، دون إيجاد حلول لانتشارها، ودون السعي لحل مشكلة تؤرق المجتمع.