مدونة آسو
“نوجين” طفلة مهجرة من الشهباء إلى الرقة لم تتخلَ عن قطتها وتتركها وحيدة
استطاعت الطفلة “نوجين” أن تلفت النظر بين جموع المهجرين من منطقة الشهباء إلى الرقة، بعد يوم من رحلة تهجير تصنف ككارثة إنسانية، من الشهباء باتجاه الرقة وريفها.
وسط الجموع في ساحة الملعب بمدينة الرقة، حيث عشرات آلاف المهجرين من مناطق الشهباء، تحتضن نوجين قطتها التي ربتها منذ صغرها، وأصرت على أن تجلب قطتها معها في رحلة التهجير الثانية لعائلتها.
تنحدر نوجين من عفرين، التي احتلت من قبل تركيا وفصائل الجيش الوطني السوري في آذار 2018، إلى منطقة الشهباء، وبتاريخ 2 كانون الأول 2024، عاشت نوجين رحلة تهجير قسري ثانية باتجاه الرقة، بعد أن أجبرت فصائل الجيش الوطني السوري المدعومة من تركيا، المهجرين إلى الشهباء أن يخرجوا منها باتجاه مناطق شرق الفرات في شمال وشرق سوريا.
تحتفظ نوجين بقطتها التي باتت رفيقة رحلة الشتات الجديدة، تقول نوجين لشبكة آسو الإخبارية، إن لحظة التهجير كانت سريعة، لا يستطيع المرء خلالها التفكير أين سيذهب وماذا يصطحب معه، “تركت قطتي في البداية، لكن راودني السؤال، كيف سأتركها وحيدة وأنا أيضا مهجرة إلى مكان أخر، من سيطعمها ويعتني بها، لقد جلبتها منذ كانت صغيرة واعتنيت بها، شعرت أنها إنسان مثلي، في حال تركتها سيكون ذلك بمثابة ذنب ارتبكه بحقها، فهي عاشت معي في ظروف صعبة، لذا قررت جلبها معي”.
تعيش نوجين اليوم في رحلة جعلتها عالقة بين عالمين: عالم الطفولة المليء باللعب والضحك، وعالم الواقع المرير الذي جلبته الحروب والنزاعات.
تنظر إلى قطتها بحب وحنان، كأنها تمسك بآخر خيوط الأمل في حياتها، وتهمس لها بكلمات غير مفهومة! ربما تحاول أن تخبرها عن أحلامها التي تلاشت، أو عن بيتها الذي لم يعد موجودًا… هذه هي اللحظة التي تتجلى فيها مأساة الفقد في عينيها، حيث تعكس كل لحظة من الألم والحنين إلى البيت الذي ولدت فيه، والحي الذي لعبت فيه، والأصدقاء الذين ضحكت وهزجت معهم.
ولكن وعلى الرغم من كل شيء، لا تزال هذه الفتاة تحاول أن تجد السعادة بوجود قطتها، وكأنها تقول للعالم: “حتى لو فقدت كل شيء، سأظل أحتفظ بقطتي”.
تتجول هنا في الرقة، العالم الجديد والغريب عنها، برفقة قطتها التي تمنحها شعورًا بالانتماء، وكأنهما معًا يشكلان عائلة صغيرة وسط هذه الفوضى.
هذه الصور تجسد مأساة الأطفال المهجرين! الذين رغم كل المعاناة، لا يزال لديهم القدرة على الحب والإخلاص، وتظل قلوبهم تنبض بالأمل حتى في أحلك الظروف.
تعبر نوجين عن شعورها الطفولي الصادق، تقول “أكره الحرب، لأنها شتت بنا أكثر من مرة، لم أعرف وأنا طفلة الاستقرار، ابحث عن استقرار وسلام، استطيع خلاله اكمال تعليمي كي أكون قادرة على بناء مستقبل صحي بعيد عن الحرب ومخلفاته”.
نوجين كباقي أطفال سوريا الذي عايشوا الحرب، وعاشوا فقدان الأرض والمكان بين نزوح وتهجير، وضياع المستقبل.