مدونة آسو
المدارس في ظل داعش: من منارات تعليمية إلى مصانع للموت
قصص من سلسلة عائدون من الموت التي تجمعها شبكة آسو الإخبارية، وتظهر مأساة مدنيين عانوا الألم في فترة حكم داعش، روايات وقصص واقعية تعبر عن حجم الإرهاب والتطرف في التأثير على بنية المجتمع..
“عائدون من الموت”
سلسلة شهادات من قلب المأساة… مدنيون عادوا من الموت في ظل حكم داعش في شمال وشرق سوريا، سلسلة تقارير خاصة من انتاج شبكة آسو الإخبارية، تنشرها لأول مرة تباعًا، تسلط الضوء على الانتهاكات الفظيعة التي شهدتها مدينة الطبقة خلال فترة سيطرة تنظيم داعش.
قصص مروعة من شهود عيان عايشوا كابوس التنظيم الإرهابي، حيث تعرض الأهالي لأقسى أنواع العذاب الجسدي والنفسي؛ من عقوبات مهينة تهدر الكرامة الإنسانية، إلى سجون مظلمة لا يخرج منها سوى القليل أحياء، وانتهاءً بتدمير المدارس وتحويلها إلى مصانع للموت.
نشارككم هذه الشهادات الحية لإبراز حجم المعاناة والألم، ولتقديم صورة حقيقية لما جرى في تلك الفترة السوداء.
جميع الحقوق محفوظة لشبكة آسو الإخبارية
شمال شرق سوريا 2024
من الطبقة بقلم حسان الأحمد
في ظل سيطرة تنظيم داعش على مدينة الطبقة، تحولت المدارس والمنشآت التعليمية إلى معسكرات تدريب ومصانع لإنتاج السيارات المفخخة والعبوات الناسفة، مما أدى إلى تدمير البنية التعليمية وتحويل هذه المؤسسات إلى أدوات لنشر الإرهاب والفوضى.
خلال فترة سيطرة داعش والتنظيمات المسلحة على مدينة الطبقة، تم استخدام المدارس كأدوات لفرض الهيمنة، حيث تم طرد الطلاب وإخراج الأبنية من غرضها الأصلي، الذي كان يتمثل في استقبال الطلاب ونشر التعليم والأخلاق. تحولت هذه المنشآت إلى مواقع لنشر الدمار والخراب. التنظيمات المسلحة نهبت المدارس من محتوياتها، مثل المقاعد والسبورات والنوافذ والأثاث، ومنعت التعليم في المنطقة.
عندما ظهر تنظيم داعش في أواخر عام 2013م. اتخذ من المدارس مثل مدرسة الصناعة والعروبة وابن سينا وابن زيدون مقرات له، ومنطلقاً للسيطرة على المدينة وطرد بقية الفصائل الأخرى. بحلول 18 كانون الثاني 2014م. سيطر داعش بالكامل على مدينة الطبقة.
وبعد فرض سيطرته على المدينة، استخدم داعش المدارس كمقرات عسكرية وإدارية، ومستودعات للأسلحة، ومعامل لإنتاج السيارات المفخخة والعبوات الناسفة. وتم تحويل بعض المدارس إلى معسكرات لتدريب ما يسمى بـ “أشبال الخلافة”، وأخرى لمقرات “الحسبة” و”الشرطة الأمنية” التابعة للتنظيم.
كانت مدرسة الصناعة القريبة إلى حيّ المقاسم، أكبر مدارس الطبقة، وأخطرها خلا فترة داعش. حيث تعرضت المدرسة للتدمير الكامل بسبب استخدامها كمصنع لإنتاج المفخخات، نظراً لوجود معدات وأدوات تعليمية مثل المخارط ومعدات الميكانيكا والحدادة، التي استخدمت لتصفيح السيارات المفخخة. موقع المدرسة المنعزل عن المنازل جعلها مركزاً مثالياً لإنتاج السلاح والمفخخات.
أحد شهود العيان (م.س) الذي كان يسكن قريباً من المدرسة، ذكر أن التنظيم كان يدخل ويخرج بسياراته من المدرسة، وكان الشهود يلاحظون السيارات المفخخة التي تخرج منها. في أحد الأيام، شاهد سيارة نوع “همر” مصفحة بالكامل تخرج من المدرسة، وكان يعلم أن السيارة محملة بالمتفجرات ومتجهة إلى منطقة السوق شمالاً.
الشاهد أكد أنه شعر بالخوف الشديد، وتجنب المرور بالقرب من مدرسة الصناعة، إلى أن تم استهداف المدرسة في آذار 2017م. وتدميرها بالكامل، بالإضافة إلى مبنى الصحة المدرسية المجاور الذي كان يستخدمه التنظيم كمقر لما يسمى بديوان الزكاة.
محمد الأحمد (اسم وهمي)، سُجن في مدرسة العروبة قرب دوار الكنيسة لمدة ثلاثة أيام بتهمة بيع الدخان. استخدم التنظيم المدرسة كمقر لـ “الحسبة” حيث كان يوجد سجن في الطابق الثاني وغرف للتحقيق والتعذيب في الطابق الأسفل.
في روضة الأطفال قرب حاووز المياه جنوبي المدينة، استخدم التنظيم الروضة كمعمل لتفخيخ السيارات والعبوات الناسفة. وأدى انفجار مجهول المصدر داخل الروضة إلى تدمير أجزاء منها. وذكر شهود عيان على الحادث حينها لشبكة آسو الإخبارية، أن الانفجار كان نتيجة خطأ في تفخيخ إحدى السيارات، نظراً لعدم وجود آثار لقصف جوي في ذلك الوقت، بحسب قولهم.
وبحسب إحصائيات حصلت عليها شبكة آسو الإخبارية من هيئة التربية والتعليم في مقاطعة الطبقة، فإن مجموع المدارس المدمرة كلياً بلغ 16 مدرسة بسبب العمليات العسكرية خلا حقبة داعش، والمدمرة جزئياً 19 مدرسة.