Connect with us

أخبار وتقارير

كيف تستفيد هيئة تحـ. ـرير الشام من انتشار السـ. ـلاح في مناطق سيطرتها؟

نشر

قبل

-
حجم الخط:

خليل عبد الرحمن – إدلب

مع استمرار الأحداث الجارية في سوريا وعدم وجود حلول سياسية تنهي معاناة أبناء الشعب السوري وحالة الانقسام في الجغرافية السورية بين القوى العسكرية المسيطرة، تتسع يوماً بعد آخر حالة الفوضى والفلتان الأمني، لاسيما ضمن مناطق شمال غربي سوريا الخاضعة لسيطرة “هيئة تحرير الشام”، وتزداد الظواهر السلبية بالانتشار بشكل متسارع، ومنها ظاهرة انتشار السلاح ووصوله ليد المدنيين ما ينعكس سلباً على الأمن في المنطقة وانتشار حالات الشجار المسلح والاقتتال العائلية وحالات الانتحار والقتل الخطأ والسطو والسرقات.

ومع تمكن هيئة تحـ. ـرير الشام من بسط نفوذها بشكل كامل على المنطقة، عمدت إلى وضع يدها على كل ما يمكن أن يكون سبباً في زيادة تمويلها المالي، فوضعت يدها من خلال جهازها الأمني على معظم محلات بيع الأسلحة وطلبت ترخيص هذه المحلات مع فرض ضرائب مالية كبيرة وسن قوانين تحد بشكل بسيط من انتشار السلاح مثل شرط الحصول على رخصة لمن يرغب بشراء السلاح الفردي وغيرها من القوانين.

وعلى ضوء ذلك وجد الكثير من تجار السلاح في مواقع التواصل الإجتماعي مثل “الفيس بوك” و”تلجرام”، مكاناً لعرض أسلحتهم وترويجها وبيعها للسكان المحليين بعيداً عن “الهيئة”، فنتج عن ذلك انخفاض كبير في أسعار الأسلحة وسهولة في الحصول عليها ما ساهم بشكل كبير في انتشارها بين المدنيين في مناطق إدلب وريفها، مسببة مئات حالات الفوضى والفلتان الأمني في تلك المناطق خلال السنوات القليلة الماضية.

حالة الفوضى وانتشار السلاح بشكل كبير جداً بات من أكثر ما يهدد المدنيين ويشعرهم بالخوف وعدم وجود الأمان رغم وجود جهات أمنية في المنطقة، وقد ضاق المدنيون ذرعاً بهذا الانفلات الأمني نتيجة انتشار السلاح ووصوله ليد الكثير ممن لا يتقنون استخدامه حتى، فنتج عن ذلك الكثير من حالات الاقتتالات العائلية في المنطقة.

وفي هذا السياق يتحدث الشاب “همام الأحمد” (اسم مستعار)، لشبكة آسو الإخبارية، قائلاً: إن “ظاهرة التجارة بالسلاح عبر مواقع التواصل الاجتماعي كانت السبيل الأنسب لهؤلاء التجار حيث تتم عمليات البيع بشكل مباشر بين التاجر والمشتري بعد الاتفاق على موعد لقاء وعنوان وتحديد السعر لقطعة السلاح، وهذا ما سهل عمليات البيع وساهم في الانتشار الواسع للسلاح الفردي بدءاً من “المسدس” و”القنبلة اليدوية”، والبندقية الحربية”، مروراً بالذخائر وحتى الألبسة وباقي الأدوات العسكرية”.

مضيفاً بالقول، أن وصول السلاح ليد المدنيين ساهم في ازدياد حالات المشاجرات والاقتتال لاسيما ضمن مخيمات النزوح المنتشرة على طول الحدود السورية – التركية، فلا يكاد يمضي يومان أو ثلاثة حتى نسمع عن شجار مسلح أو اقتتال عائلي وعشائري أو حالات سرقة وسطو مسلح، وذلك كله يجري تحت مسمع ومرأى ما يعرف باسم جهاز الأمن العام التابع للهيئة.

وذكر أنه في اليوم الثاني من العام الجاري سرقت الدراجة النارية لابن شقيقته من أمام منزله في بلدة الدانا بريف إدلب الشمالي، حيث جرت عملية السرقة من قبل شخص مسلح، ويبلغ سعر الدراجة ما يقارب 400 دولار أمريكي، ولم يستطع فعل أي شيء بسبب أن السارق كان مسلحاً ويرتدي الزي العسكري وملثم الوجه، ورغم تقديم شكوى لدى مخفر الشرطة في المنطقة وعرض فيديو مصور بواسطة كاميرا مراقبة لأحد المحلات القريبة للسارق وهو يقوم بفعلته، إلا أنه لم يعثر عليه حتى اللحظة.

وأكد “الأحمد”، وجود الكثير من الحالات المشابهة من سرقة محال وسيارات ودراجات نارية، و لم تتمكن الجهات الأمنية من كشف أغلب هذه الحالات، فضلاً عن المشاجرات التي تنشب بين النازحين لأسباب مختلفة ومعظمها تكون لأسباب لا يمكن تبريرها، لكن وجود السلاح ساهم في تأزيم الأوضاع الأمنية.

واعتبر، أن التساهل من قبل الجهات الأمنية وعدم مبالاتها أيضاً كان له الدور الكبير في انتشار السلاح، ويرى بأنه يتوجب عليها مراقبة عمليات البيع عبر مواقع التواصل الإجتماعي وكشف هؤلاء التجار، لكن مع الأسف أنها حتى في حال كشف بعض المجرمين فإنها تطلق سراح بعضهم مقابل الحصول على مبالغ مالية يتقاضاها قياديون في “هيئة تحرير الشام”.

كما تروي السيدة (روضة.ش) 47 عاماً قصة حدثت مع ابنها وزوجته جراء انتشار ظاهرة السلاح بيد المدنيين، حيث تقول لشبكة آسو الإخبارية: “تزوج ابني البالغ من العمر 20 عاماً، منذ فترة ونحن نقطن في أحد مخيمات منطقة كفر لوسين بريف إدلب الشمالي، وبسبب الواقع المعيشي الصعب وعدم قدرته على تأمين متطلبات زوجته، تحدث دائماً بينهما خلافات رغم أن زواجهما كان منذ فترة قصيرة، ويعمل ابني في أحد محلات بيع الدراجات النارية بمدخول مالي قليل جداً”.

وتتابع بالقول: “في أحد المرات تفاجأت بوجود بندقية حربية كانت بحوزته وعند سؤالي له عنها قال بأنها لأحد أصدقائه، فطلبت منه إبعادها عن المنزل، وفي اليوم التالي سمعنا صوت إطلاق نار فأسرعنا باتجاه مصدر الصوت، وإذ به قد تشاجر مع زوجته وطردها خارج المنزل، ثم خرج وقام بإطلاق النار في الهواء لتخويفها، كان هناك احتمال كبير لحدوث جريمة قتل بسبب هذه البندقية معه”.

وأضافت بالقول: “بعد محاولات استطعنا إقناعه بإعادة البندقية لصاحبها ومصالحة زوجته، لكن الخوف دائماً يلازمني لكونه شديد الغضب وأتخوف بأن يدفعه ذلك في يوم من الأيام لاقتناء السلاح واستخدامه خارج المنزل في خلافات مع الآخرين”.

وتعرب السيدة الخمسينية عن استيائها من عدم وجود قوانين صارمة تمنع وجود السلاح بهذه الكثرة بيد المدنيين، حيث تؤكد بأن هناك الكثير ممن يملكون السلاح في منازلهم وحتى في الخيام لاستخدامه في المشاجرات والمناسبات دون حاجة ضرورية له.

وعند السؤال عن سبب امتناع الهيئة، عن وضع حد لفوضى السلاح ضمن مناطق سيطرتها يؤكد العديد من المواطنين بأن ذلك يعود لحرص “الهيئة” على استغلال حالة الفلتان الأمني والفوضى مادياً، فبحسب مصادر محلية فإن “الهيئة” تفرض ضريبة مالية قدرها 25 دولار أمريكي على من يطلق النار في المناسبات كالأعراس وغيرها إضافة لمصادرة السلاح.

كما وتفرض رسوماً مالية قدرها 50 دولار أمريكي على من يرغب بشراء قطعة سلاح من أحد المحال المرخصة، فضلاً عن فرض ضرائب مالية سنوية على أصحاب هذه المحلات، وبالنسبة لحالات الشجار والاقتتال العشائرية فهي تعد بمثابة باب تمويل جيد لها، فعند حدوث حالة قتل أو إصابات، وإلقاء القبض على الفاعل، فإنها تفرض عليه مبلغ مالي كبير بذريعة “الحق العام”، حتى لو تم الصلح بين ذوي الفاعل وذوي المقتول أو المصاب، ثم وفي حالة السرقات أيضاً يتم فرض غرامة مالية على السارق تبلغ قيمتها ضعف سعر الغرض المسروق، تحت مسمى “الحق العام”.

ومع كل هذا التساهل تستمر عمليات بيع وشراء والإتجار بالأسلحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ضمن مناطق سيطرة “هيئة تحرير الشام” دون حسيب أو رقيب.