مواطن وعدالة
أمهات المفقودين لدى داعش… حرقة الغياب وأمل بالعودة
آسو-بتول علي
يأتي عيد الأم والقلوب مليئة بفرح الأمومة ولكن هذا ليس حال الأمهات اللواتي فقدن أولادهن، وما أكثرهن في سوريا!.
أمهات ثكلى يحمل واقعهن عنوان “أيعقل العيد والأمومة مفجوعة؟” لكثيرات من النسوة!.
في بيت قديم وتحديدا بغرفة صغيرة منعزلة عن باقي المنزل، تشبه في عزلتها واقع وظروف الأم “صفية الأحمد” التي تعيش ظروف غياب فلذة كبدها (ابنها) الذي قام تنظيم داعش الإرهابي بإعتقاله.
الحاجة “صفية الأحمد” من سكان مدينة الطبقة تبلغ من العمر 65 عام تعيش مع أحد أولادها تروي، لشبكة آسو الإخبارية، عن قصتها وتقول في البداية كان ابني ذو ال 22 عاما يكمل دراسته الجامعية بمدينة حماة، ومع دخول تنظيم داعش لم يستطع إكمال دراسته بسبب عدم سماح التنظيم للطلاب بالسفر إلى مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة السورية بحجة أن دراسته “علوم دنيوية” على حسب تعبيرهم وأن ما يجب تعلمه هو الديانة الإسلامية فقط. حيث يحارب التنظيم العلم ولا يسمح بعلم سوى الذي يفرضه.
تذكر “الحاجة صفية” أنه بعد مرور عدة شهور كان ابني يمر بحالة من الحزن والاكتئاب بسبب عدم إكمال دراسته وليس لديه أي عمل أو حرفة يقوم بها ليملئ فراغه فقرر السفر إلى تركيا حاله كحال باقي الشباب بهدف الخلاص من هذا التنظيم “قمت بمنعه وعدم السماح له بالسفر خوفا عليه من مخاطر الطريق وليبقى بجانبي، وفي يوم السبت خرج ابني ليشتري لي بعض الحوائج من السوق هو وأحد أصدقائه، فصادفتهم مجموعة من عناصر داعش، وقاموا باعتقال ابني بحجة أن ذقنه خفيفة، ومخالفة للشريعة الإسلامية، فعاد صديقه ليخبرني بما جرى وطمأنني بأنه سيخرج في المساء حاله كحال الباقي”.
تضيف “الحاجة صفية” والحزن يكسوها “بقيت أنتظر تلك الليلة حتى الفجر ولكن دون جدوى فعاد صديقه وأخبرني بأنه سيبقى لديهم لمدة ثلاثة أيام ويخرج وأيضا هذه المرة دون جدوى”.
لم تستطع “الحاجة صفية” الصبر على ظروف ابنها فقررت الذهاب إلى مقر الحسبة التابع لداعش للسؤال عن ابنها، فأخبروها أنه سيقوم باستتابة مدتها تقارب 40 يوم والسبب “وجود بعض الصور والأغاني في هاتفه”.
كان وجود صور أو أغاني في الهاتف ربما تأخذ للقِصاص!.
ويمضي ما يقارب الشهرين على غياب الابن لكن دون عودة كما تقول “الحاجة صفية” وتضيف، “بدأت بالسؤال عنه في كل مكان يتبع للتنظيم وغيره بهدف الوصول لابني لكن دون جدوى وكان جوابهم مختصراً (ابنك ليس عندنا)”.
أن ينفي تنظيم داعش وجود شخص وهو معتقل لديه يزرع القلق والخوف على مصير المعتقل لديهم.
كان حكم تنظيم داعش حكماً جائرا أشبه بسجن كبير وعملية انتقام من الأهالي والآن مع زوال داعش واقتراب الخلاص منه تقول “الحاجة صفية” “أشعر بنوع من الانتقام وأتمنى أن يعيش كل عنصر من عناصر تنظيم داعش مرارة الألم التي أشعر بها في كل يوم على فقدان ابني”.
تعيش اليوم “الحاجة صفية” حياتها بحسرة وألم على فقدان ابنها حالها كحال الكثير من الأمهات السوريات، وفي نظراتها سؤال حائر يفتش عن بصيص أمل عن ولدها الذي فقدته.
ولا تستطيع “الحاجة صفية” أن تدرك أن ابنها لم يعد موجودا طالما تعيش على أمل عودته ولا تملك دلائل تؤكد وجوده.
كثيرات هن الأمهات والأسر ممن فقدوا ابناءهم دون عودتهم في الحرب السورية!.
*الصورة تعبيرية من الانترنت