Connect with us

Local

حرائق شمال وشرق سوريا: حرب جديدة تؤرق الأهالي

نشر

قبل

-
حجم الخط:

تكون فاتورة الحرب مكلفة وعالية حقًا، وبالمعنى الدقيق للكلمة في الواقع السوري فإن الحرب تكلفتها لن تحصَ. وعندما تندلع الحرب في جغرافيا محددة فإن الجميع سيصلى نارها حتى من يحاول النجاة منها، فإن وقودها كافٍ لأن يلاحقه. من هنا لا تقف الحرب على الناس عند حدود القتل والتدمير والتشريد واللجوء والتشتت، بل قد يلحق تلك المواجع في حياة الناس قصص وقصص، حكايا وأحداث، معلومة وغير معلومة، وقائع تحدث وأخرى تُخلق، أناس يعيشون التشتت وأخرون يعيشون الغربة، ومنهم من يعيش تحت القتل والقصف والعذاب، ومنهم من يعيش الجوع، وبينهم من يعيش الحرب الاقتصادية المفروضة والمفتعلة كما يعيشها أهالي مناطق روج آفا\ شمال وشرق سوريا، حيث بعد سنوات من الانتظار من قبل الأهالي لعودة موسم زراعي جيد كفيل بإزالة غبار وتعب السنوات الماضية عن وجوه أهالي منطقة “سلة الغذاء السورية”، فقد لحقت الحرب بهم، حتى أمست النيران ضيفًا ثقيلًا منذ بدء حصاد الشعير والقمح عليهم، النيران التي ألتهمت فأكلت من الشعير وسنابل القمح آلاف الهكتارات، يعيش الناس في البقعة هذه حرب لكن من نوع مختلف عما عاشه سوريون أخرون، أو مختلف عن سكان مناطق أخرى، فإن نجا أهالي روج آفا من القصف، لم ينجو من نيران الحرب وشذراتها التي باتت تنكل عليهم وتنغص عيشهم.

مئات الصور وعشرات الفيديوهات بثت من مناطق روج آفا حيث التف سواد الحريق كإسوارة على شكل قيد معصم يضيق به حول الذهب الأصفر، ووقف الناس على اعتاب ذاك المشهد يبكون رحيل أرزاقهم. أيضًا عشرات القصص والحكايا من بين تلك النيران وأمام تلك التجمعات، مشاهد حية مؤلمة اكتست مشهد حريق الأراضي، وفي مكان أخر مشهد إطفاء الحرائق، وفي مكان أخر هناك من فقد حياته وهو يطفئ حرائق الأهالي، وفي مدينة ما بين المدن الحزينة توفي رجل يطفئ حريق نشب في أرض جاره تاركًا أرضه تحترق.

آلاف الهكتارات في مساحات زراعية لموسمي الشعير والقمح احترقت، بحسب احصائيات قريبة حيث لا يوجد احصائيات دقيقة حول ذلك، لكن الأرجح وهي رسمية تحدثت عن أن كمية الإنتاج المتوقعة من هذه المساحات المحروقة تقدر بأكثر من ٣٠ ألف طن من القمح و٤٥ ألف طن من الشعير.

بدأت آلية احتراق الأراضي باقحام الأمر في مسار الصراع السياسي السوري المعتاد مع بدء بعض الحرائق في ريف الرقة، حاول البعض زجها في صراع قومي كردي- عربي في المنطقة حتى أعلن تنظيم داعش الإرهابي مسؤولية حرق الأراضي الزراعية وبشكل متعمد، لتمتد بعدها الحرائق بفعل داعش، وأيضًا بفعل الصراعات الموجودة، مع وجود تصادف في الحريق معتاد لأسباب مختلفة تشهدها الزراعة كل عام، مقابل عدم مسؤولية إدارية من قبل المعنيين من السلطات المحلية والمعارضة، وحتى المؤسسات المدنية، من أجل العمل بشكل فاعل في التغطية وإظهار الخطر الذي سيلحق بالمنطقة اقتصاديًا، نتيجة هذه الكارثة.

إن الاختلاف السياسي، وحتى التناقض المجتمعي، وعلى مستوى السلطات التنفيذية أو الرقابية، وبين المؤسسات التي تدير اداريًا والمعارضة لها، هو أمر يدعم دومًا المجتمعات نحو التقدم أكثر فأكثر، إلا في القضايا الوطنية التي تصبح قضية رأي عام وتمس المواطن، فهنا يوجد أزمة تتطلب الوقوف على الكارثة، فدراستها ثم معالجتها وإيجاد البدائل هو الأنسب وذلك بعد وضع الخلافات والعراقيل جانبًا، وإيجاد ما يتطلب توحد جهود القوى السياسية للعمل على وقف الكارثة، يرافقها المعالجة وفتح المجال أمام المؤسسات المدنية للعمل، وأن يكون هناك تكاتف شعبي ونخبوي في قضية اقتصادية إهمالها أوعدم اهمالها يكون إما في الضرر العام أو في الصالح العام.