Connect with us

أصوات نسائية

“أم عبدو” … حكاية مآسي الحرب على النساء

نشر

قبل

-
حجم الخط:

أحمد دمليخ- منبج
متكأة على كرسيها خلف ماكينة الخياطة التي تعمل عليها تتحدث وسنوات النزوح والعوز قد حفرت عميقاً في محياها. “أم عبدو”سيدة من ريف حلب لم تتجاوز الأربعين من عمرها، هي الأم والأب لعائلة مكونة من سبعة أطفال وزوج معاق نتيجة القصف الذي طال الحي الذي كانت تسكنه.

تقول “أم عبدو” لتاء مربوطة، “منذ قرابة العام نزحنا إلى مدينة منبج، وقد كانت الأيام الأولى صعبة للغاية، لكن وضع المدينة المستقر كان سبباً للبقاء.
ومنذ الأسبوع الأول لوصولي بدأت بالبحث عن عمل في أي مجال، وقد عملت خلال الأشهر الأولى في الخدمة بالمنازل، كما عملت كمستخدمة في إحدى المستشفيات الخاصة، وكانت الأوضاع مقبولة، لكن التعب الناجم عن هذه الأعمال قد ساهم في تدهور صحتي لذلك اعتمدت على العمل المنزلي البسيط من غزل الصوف إلى الخياطة النسائية الخاصة، حيث كنت أمتلك آلة خياطة خاصة جلبتها معي عند النزوح”.

العمل من المنزل في حياكة الصوف والخياطة لم تكن تسد إلا ما تيسر من حاجات الأسرة المتزايدة في ظل غياب المساعدات الإنسانية من المنظمات الإغاثية في المدينة، كما أثر وضع الابنة الصغيرة التي تعاني من إعاقة ذهنية على الحالة المادية للمنزل فهي تعاني نقص في أكسجة دماغية، وتلزمها رعاية طبية وأدوية خاصة إضافة إلى الزوج المعاق.

تستمر “أم عبدو” بالحديث عن الوضع الحالي بالنسبة لها ولعائلتها، “منذ قرابة الثلاثة أشهر تقدمتُ إلى لجنة المرأة لتأمين العمل لي أو مساعدتي، وفعلا خلال عدة أيام تم طلبي للعمل في ورشة للخياطة لتحضير اللباس المدرسي، وقد كنت فرحة في هذه الفرصة فأنا أمتلك خبرة كافية في مجال الخياطة، وعندما ذهبت للمقابلة تم تعيني على أساس الخبرة وإتقان العمل وقد قمت بتدريب عدد من النساء في بداية المشروع على العمل كونهن يحتجن لهذا العمل.”

عن وضعها الحالي تتحدث أم عبدو، “اليوم بعد قرابة الثلاثة أشهر في العمل، تحسنت الحالة المادية بشكل بسيط فقد أصبحت أستطيع الاقتراض من سمان الحي، كذلك أمن لي هذا العمل دفعات بسيطة لدواء ابنتي الصغيرة، كما أن علاج زوجي الفيزيائي يكلف قرابة (3000) ل.س لكل جلسة وهو يحتاج إلى جلسة بشكل أسبوعي، كل هذه المصاريف، إضافة إلى المتطلبات المنزلية، فقد قدمت لعدد من المنظمات الإنسانية في منبج عسى أن تساهم في تقديم العون لعائلتي وخاصة من الناحية الصحية لكن لا فائدة”.

واقع “أم عبدو” يشبه إلى حد كبير واقع عدد كبير من النساء في المدينة التي عانت من آثار الحرب، الأمر الذي يتركها أمام خيارات عدة يكون أغلبها غير منصفاً إما التسول أو العمل لساعات طويلة وبأجر زهيد دون أدنى معايير السلامة المهنية.

هي الحرب بكل مآسيها وما تجره من ويلات فاقت قدرة النساء على تحملها.