مواطن وعدالة
أطفال الحرب بمراكز الحماية… أبطال يجسدون قصص المعاناة
آسو- عاليه محمد
تحرير: (ج،خ. س،م)
تقطن “أمينة” (اسم مستعار لطفلة أصولها من حلب 11 سنة)، وأطفال أخرون فقدوا أهلهم، في مركز حماية الطفل، المؤلف من ثلاثة منازل بمدينة رميلان، وتم تجهيزه من قبل هيئة المرأة في إقليم الجزيرة التابع للإدارة الذاتية.
فلم تكن تعلم أمينة أنها ستعيش وشقيقها 13 عاماً، وأختها 4 أعوام، مع 48 طفل آخرين في مركز رعاية للأطفال، بعد أن فقد الأطفال والديهما في قصف على مدينة الطبقة قبل نحو عامين.
بينما كانت “أمينة” تحمل أختها التي تصغرها بأعوام، في يديها الصغيرتين، ألقت نظرة مليئة بالحسرة والحرمان تجاهنا وقالت، “لم نكن نعلم إلى أين ذهب والدي ووالدتي، ولكن الكبار أخبرونا بأنهم ماتوا”.
عندما فقدت “أمينة” والديها كانت في التاسعة من عمرها، حيث العائلة نزحت في وقت سابق من حلب بسبب الظروف التي سادت المدينة، إلى الطبقة بريف الرقة قبل أن تشهد المدينة معارك تحرير، فقد على إثرها والدي “أمينة” حياتهما خلالها، ليتم نقل الأطفال بعد تحرير الطبقة إلى “الجزيرة” حيث باتا برعاية “هيئة المرأة في إقليم الجزيرة” ، ثم بعد ذلك تم إيداعهم في مركز حماية الطفل (دار أيتام سابقًا) وهو المكان الذي يقطنونه الآن.
وفقد الآلاف من الأطفال حياتهم، كما تشرد الآلاف، إضافة لآلاف أخرين فقدوا أهلهم في الحرب السورية.
وفي الغرفة المجاورة لـ “أمينة” وأخوانها يعيش أطفال بأعمار مختلفة، من بينهم “ليلى” (اسم مستعار) وهي طفلة في الرابعة من عمرها لأم “إيزيدية” وأب منتمي لتنظيم داعش.
وتعرضت الآلاف من الإيزيديات لعمليات خطف وسبي من قبل تنظيم #داعش الإرهابي.
داخل المركز أطفال مصيرهم مجهول، لا يستطيعون اختيار المستقبل، ولا يدركون ماذا سيكتب لهم. وفي داخل المركز الذي لم يسمح لنا بالتصوير فيه وإجراء مقابلات مع الأشخاص باسمهم الصريح، التقت شبكة آسو الإخبارية المرشدة الاجتماعية في مركز حماية الطفل “نازي علاوي”، التي ذكرت أن (36) طفل دون الخامسة، -من أصل (50) طفل يتواجدون في المركز، هم لأمهات إيزيديات وآباء من تنظيم داعش.
وتضيف “علاوي” إنهم دوماً ما يقومون بتقديم أنشطة ترفيهية لهؤلاء الأطفال، “لنتمكن من إخراجهم من حالة فقدان الأمن والحنان الذي يجب أن يحصلوا عليه من العائلة”. وتتابع بحسرة “دوماً أرى نظرة حزن في أعينهم”.
وتشرف “علاوي” على تقديم الدعم المعنوي للأطفال الموجودين في المركز، إلى جانب مربيات يقمن بتقديم الرعاية لهم.
بينما تحاول أمينة تهدئة أختها الصغيرة، تحاول إيمان (فتاة أخرى في المركز باسم مستعار) (9) أعوام مساعدتها. حيث إيمان أيضاً لا تعلم شيئاً عن والديها بعد احتلال الجيش التركي والفصائل التابعة لها على مدينة عفرين.
تقول “نازي علاوي” إنه بإمكان عوائل موجودة في المنطقة تبنّي أحد/ إحدى الأطفال لكن يتطلب ذلك شروط، “أن يتم التأكد من أن العائلة ستكون قادرة على تأمين وضعٍ مناسبٍ للطفل المتبنّى”.
يفقد الكثير من الأطفال في سوريا حق الحياة الكريمة، والعيش بين عوائلهم.
ويعد مركز حماية الطفل الذي افتتح في رميلان عام 2015 الوحيد في إقليم الجزيرة المتخصص برعاية الأطفال المعنّفين والنازحين من مناطق الحرب.
وتسعى هيئة المرأة في إقليم الجزيرة إلى تأمين متطلبات أطفال المركز خاصةً التعليم، على حد قول المرشدة الاجتماعي “نازي علاوي”.
أطفال المركز صغار، يحملون هموم تفوق أعمارهم الصغيرة، ولا يستطيعون حتى أن يعيشوا أحلاماً تكاد تكون أصغر من سنين حياتهم المعدودات، فلكل واحد منهم قصة تختلف عن الآخر، إلا أن الحزن والحرمان أمران مشتركان بينهم جميعاً، فهم ضحايا الحرب الأولون في سوريا، والفئة الأكثر تضرراً من بين الفئات جميعها.
في المقابل “أطفال آخرون لم يحالفهم الحظ مثل أمينة ورفقائها بإيجاد مأوى لهم” على حد قول “نازي علاوي”.
*الصورة تعبيرية من الإنترنت