أخبار وتقارير
أعلاف المواشي بين ارتفاع الدولار والوضع الاقتصادي… والخاسر الأكبر هو المربي
آسو-أحمد دملخي
تعتبر الأعلاف من المواد الأساسية التي يعتمد عليها المربي في إطعام المواشي التي يربيها من أبقار وأغنام، فهي مصدر رزق عدد كبير من الأهالي في المدينة وريفها إضافة إلى الزراعة، ولكن تربية المواشي اليوم أصبحت صعبة في ظل الارتفاع الكبير لأسعار صرف الدولار مقارنة بالليرة السورية، وخاصة خلال الشهر الأول من العام 2020 فكثير من المربين رغم ارتفاع أسعار المواشي يتكبدون خسائر كبيرة من عدة نواحي أهمها الأعلاف التي تقدم لها.
في تقرير خاص لشبكة آسو الإخبارية أجراه مراسل منبج عن وضع المربين في المدينة وريفها وتجار الأعلاف في الخانات كان للشبكة عدد من الحوارات مع كلا الطرفين للوقوف على الوضع المعيشي للطرفين.
المربين بين نهاية 2019 وبداية 2020 أزمة أسعار الأعلاف متفاقمة
“عبدو أبو أحمد” أحد مربي الأبقار في ريف منبج الغربي يتحدث لشبكة آسو الإخبارية عن تغير أسعار الأعلاف خلال الشهر الأخير من العام 2019 والشهر الأول من العام 2020 ويصف التغير بالكارثي فيقول، “أقوم بتربية خمس أبقار بين ذكور واناث، وكانت أسعار الأعلاف التي أطعمها لهم تتراوح بين (4500 – 6400) ل.س لكل كيس (50كغ) خلال الشهر الأخير من العام 2019، لكن منذ بداية ارتفاع الدولار وتجاوزه قيمة 1000 ل.س أصبح السعر لكل كيس يصل إلى قرابة 10 آلاف ليرة سورية وهذا الأمر اليوم يثقل كاهلي فالعجول ما تزال صغيرة على البيع للذبح، أما الإناث فلدي عدد قليل منها واستفيد منها في الحليب” وأضاف “أبو أحمد” كانت تكاليف رعاية الأبقار مقبولة إلى حد كبير خلال الفترة السابقة لكن اليوم فإن إطعامها أصبح صعباً جداً مع هذا الغلاء الذي وصل إلى كل شيء من أمور معيشة البشر والحيوانات، منوها أن الحيوانات التي يربيها المزارعون تحتاج إلى رعاية دائمة فهي أرواح في النهاية ويستفيدون منها في تأمين جزء من قوت يومهم.
ويتابع “أبو أحمد” الحديث فيقول، “كانت التكاليف سابقاً في إطعام هذه الابقار تصل إلى 125 ألف ليرة سورية للأعلاف ذات الجودة الممتازة حيث كنت أقدم لها أعلاف التسمين والحليب بشكل يومي وبهذا المبلغ أطعمها على مدار عشرين يوم، ولكن اليوم ارتفعت التكلفة إلى قرابة 200 ألف ليرة سورية للنوعية المتوسطة، ومقارنة بالأسعار في سوق المواشي هذا المبلغ صعب جداً على المربين فبين نقل وأدوية بيطرية ونفوق تكون خسارة المربي كبيرة قد تصل إلى الملايين في حال انتشار مرض خطير وغير قابل للعلاج”.
مشكلة عامة تلاحق المربين في كل مكان
” تيسير المقداد” من أبناء ريف الرقة الشرقي تحدث لمراسل شبكة آسو الإخبارية في منبج خلال تواجده في أحد خانات الأعلاف المجاورة لجامع النور بالمدينة، عن المشاكل التي يتعرض لها المربين في المدن الأخرى فقد كانت أغلبها مشابه لما تحدث به المربي “أبو أحمد” سابقاً لكنه أضاف، “نحن اليوم نأتي من مدينة الرقة وريفها للحصول على أعلاف لمواشينا في تلك المناطق على الرغم من تواجد الأعلاف في الرقة إلا أن الأسعار في منبج تبقى منخفضة أكثر من غيرها من مدن شمال شرق سوريا ويعزى ذلك إلى تواجد عدد من معامل إنتاج الأعلاف في ريف منبج لكن ما نعانيه نحن المربين في المدن خارج حدود منبج الإدارية هو طلب عدد من الأوراق والوثائق الرسمية التي تستخرج من رئيس مجلس القرية والوحدة الإرشادية التي نتبع لها في العادة لنتمكن من نقل الأعلاف من منبج إلى القرى التي نعيش فيها وهذه الوثائق تحتاج الكثير من الوقت والجهد في استخراجها كون غالبية أهالي القرى تعمل في هذا المجال”.
ويستمر “المقداد” في الحديث عن مشكلته فيقول، “كثير من الحواجز تسمح بمرور البضائع التجارية من مواد غذائية وغيرها وهذه البضائع تمر عبرها من خلال رخص تجارية لكننا كمربين لا يحق لنا الحصول على هذه الرخص كما أن الكميات التي ننقلها ليست بالكثيرة والتي تجلب لنا أرباح تناسب النقل، وتقدم لنا المكاتب التي تعتني بالثروة الحيوانية والأعلاف حسب أعداد المواشي التي لدينا في العادة لكن أغلبنا يعمل في التجارة وهي مصدر رزقه لذلك نقوم بتجديد الأعداد كل فترة في هذه المكاتب ونحصل على المستحقات بعد التجديد وهذا الأمر يسبب الكثير من المشاكل للمربين والموظفين في مكاتب الثروة الحيوانية على حد سواء فكل زيادة أو نقصان يتطلب تواجد شخص من المكتب لإحصاء الأعداد في كل مرة تتغير”.
ويضيف تيسير، “أنا من الأشخاص الذين يحاولون مساعدة أنفسهم وإيجاد الحلول للمشاكل وليس فقط طرحها فاليوم نحن ننقل الأعلاف من منبج لتصل إلى مواشينا ويكفي أن يكون هناك وصل أو فاتورة تبين مصدر هذه الأعلاف وفي حال تم بيع الأعلاف ضمن الأسواق يكفي أن تتواجد عقوبات مالية ومصادرة للمواشي أو المال الذي يمتلكه الشخص المخالف أظن أن هذه الحلول ستيسر أمر الكثير من المربين في مدن شمال وشرق سوريا كون الأعلاف تنتقل فقط ضمن مناطقها وأكثر المربين يتفقون مع في هذا الرأي”.
صرف الدولار يرتفع وضعف في الحركة على أسواق الأعلاف
تتواجد معظم خانات بيع الأعلاف في منبج جانب جامع النور وقد شهدت هذه المنطقة ضعف الحركة التجارية بسبب الوضع الاقتصادي الحالي حيث تراجع بيع الأعلاف بشكل ملحوظ خلال النصف الثاني من الشهر الأول لعام 2020، وفي هذا السياق تحدث مراسل شبكة آسو الإخبارية مع “أبو محمد عبد الله” أحد أصحاب خانات الأعلاف في المنطقة فقال، “أنواع الأعلاف كثيرة وهي تندرج تحت بندين هما أعلاف التسمين وأعلاف الحليب ولكن بشكل عام جميعها تتكون من حبوب الشعير والنخالة والذرة وبذور القطن إضافة إلى الخبز القاسي (اليابس) وتختلف أسعارها حسب قيمتها الغذائية وتعرف بين المربين والتجار باسم الأعلاف المركبة وهي مقسومة إلى نوعين أساسيين، الكبسون والناعم، وكل منها يفيد نوع من المجترات في ناحية معينة كما يتواجد نوع من الأعلاف يعتبر مزيج بين التسمين والحليب يعتبره مربي المواشي الأفضل من كافة النواحي وخاصة السعر، وقد شهد سوق الأعلاف ارتفاع كبير في الأسعار وصل إلى مبلغ 3000 ليرة سورية على عدة أصناف بسبب الاضطراب الاقتصادي الذي لحق بالليرة السورية، على الرغم من أن إنتاج العلف في المدينة محلي إلا أن خانات الأعلاف رفعت الأسعار حتى يتمكن التاجر من تأمين قوت يومه، وهذا الارتفاع بدء من معامل الإنتاج بالدرجة الأولى وقد وقع نتاجه على المربي فهو أصبح الضحية”.
ويستمر “أبو محمد” في الحديث عن الحركة التي أصبحت ضعيفة “يعاني السوق اليوم ركود كبير في مجال بيع الأعلاف المركبة وخاصة أعلاف التسمين فكثير من المربين أخذوا يعتمدون على بقايا المحاصيل الزراعية التي جنوها خلال موسم الحصاد فصل الصيف الماضي – تبن قمح وشعير – إضافة إلى الاعتماد على الحشائش الخضراء التي تتواجد في محيطهم أما المربين أصحاب الأعداد الكبيرة فهم يعتمدون على ما يقدمه مكتب الثروة الحيوانية في منبج، والتابع للإدارة المدينة وقليلاً منهم ما تنقص كميات الأعلاف لديه لذلك يشتري ما ينقصه من الخانات دون تخزين”.
ويعزو “أبو محمد” هذا الأمر إلى ارتفاع الأسعار فيقول “على الرغم من أن الانتاج محلي إلا أن عدد من المعامل رفعت الأسعار بسبب الآجار وارتفاع أجور اليد العاملة لتناسب الوضع الاقتصادي الحالي، فاليوم بلغ سعر كيس المركب حليب و تسمين نوع كبسون 8500 ل.س وقد كان 6400 ل.س للنوع الجيد، وهذا يترك المربين في حالة صعبة خاصة أصحاب المواشي التي يعتمدون على بيع الحليب و مشتقاته، أغلبهم من الأرامل وأصحاب الدخل المحدود، لذلك نجد أن أي ارتفاع في أسعار الأعلاف يسبب تراجع السوق بشكل كبير، وهذا الأمر ليس بيد أحد منا أو بيد المربي، رغم أنه الضحية الأكثر تضرراً، لأنه مرتبط بوضع المنطقة والأزمة بشكل رئيسي”.
يعتبر الواقع الحالي الذي يعاني منه المربون في الدرجة الأولى وتجار الأعلاف في الدرجة الثانية من المشاكل التي ترتبت على هبوط الليرة السورية وارتفاع أسعار صرف الدولار والعملات الأخرى، وهذا الأمر انعكس على الحياة الاقتصادية للمدينة وريفها من كل النواحي، ويبقى السؤال الرئيسي في ظل هذا الارتفاع الكبير في أسعار الصرف ما هو مصير المربين والمواشي؟ وكيف سيتمكن المربي من الحفاظ على مصدر رزقه؟