Connect with us

مدونة آسو

سردار ملادرويش: المأساة الإنسانية والتحديات الراهنة عفرين منذ آذار 2018

نشر

قبل

-
حجم الخط:

الورقة التي ناقشها مدير شبكة آسو الإخبارية سردار ملادرويش في مؤتمر اللوبي النسوي السوري
عنوان المؤتمر: تحليل مسار العملية السياسية في سوريا واستقراء سيناريوهات المرحلة القادمة.
البرنامج: نحو السلام المستدام والديمقراطية في سوريا من خلال تعزيز المجتمع المدني وحقوق المرأة
التاريخ: ٢٤ تشرين الأول ٢٠٢٠ باريس (المؤتمر تم أون لاين بسبب جائحة كورونا)

عنوان المحور: المسارات على الأرض والتطور الميداني والملف الإنساني

سردار ملادرويش
المأساة الإنسانية والتحديات الراهنة، عفرين منذ اذار 2018
الواقع الإنساني
في الثامن عشر من آذار لعام ٢٠١٨، أعلنت تركيا الحرب على مدينة عفرين، شمال سوريا، عبر دعم مجموعات معارضة سورية مسلحة غير منضبطة، باسم عملية “غصن الزيتون”، التي أدت لاحتلال غير شرعي لعفرين، باتفاق بين تركيا وروسيا، أسفر عن السيطرة على المدينة وريفها التي كانت تدار من قبل الإدارة الذاتية الديمقراطية، وتقودها قوات سوريا الديمقراطية (ممثلة بالأسايش ووحدات حماية الشعب)، وأسفرت العملية عن تهجير السكان الأصليين، ثم جلب مستوطنين من محافظات أخرى.

يقارب عدد المهجرين من عفرين بسبب الاحتلال التركي مدعوما من الفصائل السورية 300 ألف، يعيش ستة آلاف منهم في مخيمات مناطق الشهباء على مقربة من عفرين، قبل هذا الاجتياح كان الأكراد يشكلون غالبية من السكان الأصليين لعفرين بنحو 90%، بينما لا يشكلون اليوم أكثر من 30%، بعد حدوث تغيير ديموغرافي وسياسي بجلب 400 ألف شخص كنوع من الاستيطان والتحضير لمشاريع مستقبلية.

الوضع الأمني في عفرين المتردي اليوم جعل أخبار الاعتقال والخطف حدثا يوميا، هناك أكثر من 6500 معتقل/ة ومخطوف/ة حتى الان، تترافق جرائم الاعتقال والخطف عادة مع انتهاكات تشمل التعذيب النفسي، محاولات الضغط والابتزاز عبر طلب مبالغ مالية كبيرة ( أخيرًا\ مؤخرا وثقت منظمات مثلا حالة المواطن (ح.ب 63 عام الذي طٌلب مبلغ 10 الاف دولار مقابل اطلاقه او سيواجه فترة اعتقال تدوم ل 15 عاما بتهمة انه كان مع الإدارة الذاتية سابقا)، كذلك أوضح اخر تقرير للجنة التحقيق الدولية حول سوريا حجم الانتهاكات بحق النساء، واظهرت فيديوهات قادمة من عفرين انه اثناء احد الصراعات بين الفصائل المسلحة هناك تمكنت بعض النسوة من الهروب من معتقلاتهم وهذه الانتهاكات لم يتم الوقوف عليها بشكل كبير حتى من المهتمين بالشأن النسوي.

يمثل القوى العسكرية في عفرين فصائل تنضوي تحت اسم الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا مباشرة، وسياسيًا يمثل القوى الموجودة، الحكومة السورية المؤقتة والائتلاف الوطني السوري.

يعاني اليوم الفلاح العفريني الذي بقي في المدينة وريفها رغم مرارة الظروف من عدة انتهاكات كمقاسمة أرزاقه أو فرض ضرائب على محاصيله، إضافة لقطع أكثر من 30 ألف شجرة زيتون وحرق 15 ألف شجرة أخرى في المدينة المشهورة بزراعة الزيتون وهذه احصائيات تقريبية لا تعكس فداحة الواقع.

في عفرين اليوم أنت محكوم مجرد أن تكون كردي، هذه صورة عامة فرضها الاحتلال. أيضًا نسبة المتبقين في المدينة هي نسبة كبار السن، جيل الشابات والشباب ليس لدى كافة الشريحة القدرة على البقاء خوفًا من الانتهاكات.

ثمة قضية مهمة أخرى يجب ان تأخذ بعدا وطنيا، هي قضية الآثار، حيث تم تدمير معبد عين دارة بعد الاحتلال التركي ونهب وسرقة اثاره، تل جنديرس وتل ترندة كذلك مواقع اثرية حدثت عمليات نهب فيها، أي أن عفرين التي كانت غنية بأثارها اليوم أمام كارثة تاريخية.

لم تشهد عفرين منذ احتلالها كما احتلال مدن أخرى (سري كانيه\ رأس العين وتل أبيض)، أي تضامن من قوى الثورة بشكل جدي، والذين كان لهم موقف مناهض للاحتلال كان لديهم خشية على مصالحهم بتركيا فلم يعلنوا مواقف حاسمة.

بالمحصلة الناس في عفرين اليوم يعيشون ظروفا صعبة جدا، فرغم تقدير الظروف القاسية أيضا التي عاشها سوريون من مناطق أخرى وتم تهجيرهم إلا أن هناك اليوم واقعا يجب وصفه، فسكان عفرين الأصليين يتعرضون لانتهاكات عدة، لا خلاف ربما على سوء النظام الأمر الذي أدى للثورة بحد ذاتها،إالا أنه ثمة ممارسات وانتهاكات ترتكب اليوم باسم الثورة والمعارضة، هذا بحد ذاته جعل سكان المناطق المحتلة يتمنون فقط العودة الآمنة ولم تعد كبرى مشكلاتهم النظام بل وجود هذه الفصائل التي ترتكب هذه الانتهاكات، بعد انطلاق الحراك السلمي في 2011 من أجل تغيير حقيقي اعتقد اأن عسكرة الحراك كانت من أسوأ الظروف التي طرأت، فرغم اجرام النظام المعروف الا أن هناك بعد الظروف التي كان يجب علينا تداركها واليوم ندفع ثمن ذلك ونذهب لمسارات التسوية التي لم تكن مقبولة في بداية الثورة.

في المحصلة سكان هذه المناطق اليوم ليسوا أمام خيار تغيير النظام فقط للاستقرار فهم بحاجة لكسر هذه المعارضة وفكك احتلال تركيا عنهم كي يستطيعوا العيش بأمان..