Connect with us

أخبار وتقارير

تركيا تبني جدار داخل الأراضي السورية لفصل مناطق سيطرتها

نشر

قبل

-
حجم الخط:

يامن الخالد – إدلب
تركيا مسؤولة عن تقسيم سوريا وتحتل مناطق واسعة في الشمال السوري

تستمر أطماع تركيا في الأراضي السورية بالتزايد يوماً بعد آخر، في محاولة احتلال المزيد من المناطق السورية وإلحاقها بتركيا، وتعمل على تثبيت وجودها على المدى البعيد من خلال إدخال عشرات الآلاف من الجنود والآليات العسكرية بحجة نشر “نقاط المراقبة”.

وتحتل تركيا أجزاء واسعة من الشمال السوري، وتسيطر الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا على المناطق المحتلة، فيما بدأت تركيا مؤخراً ببناء جدار عازل بشكل سري، بهدف فصل مناطق سيطرتها عن مناطق سيطرة قوات النظام السوري، في خطوة جديدة لتقسيم الأراضي السورية وضمان وجود دائم لها في سوريا.

بدأت تركيا ببناء الجدار العازل الإسمنتي في أواخر شهر آذار الفائت، ويمتد الجدار من مدينة الباب إلى منطقة تادف شرق مدينة حلب، وهي مناطق ممتدة على طول جبهات القتال الفاصلة بين مناطق سيطرة الفصائل الموالية للاحتلال التركي ومناطق سيطرة قوات النظام السوري، بحسب مصادر خاصة لشبكة آسو الإخبارية.

وأفاد مصدر من فصيل “الجبهة الوطنية لتحرير سوريا” لشبكة آسو الإخبارية، أن أعمال بناء الجدار مستمرة يرافقها حفر خندق محاذ للجدار، ويتم العمل عليه من قبل فصائل الجيش الوطني الموالي لتركيا، حيث استقدمت الفصائل جرافات وآليات وبدأت أعمال البناء بإشراف مباشر من تركيا، دون أن تدلي تركيا أي تصريحات حول عملية بناء الجدار.

فيما نقل المصدر عن قيادي في فصيل “الجبهة الوطنية لتحرير سوريا” قوله بأن الهدف من بناء الجدار هو منع محاولات تهريب المدنيين وعناصر وضباط النظام السوري، إضافة لمنع عمليات تهريب المحروقات والمخدرات.

“باسم العلي” محلل عسكري وضابط منشق عن قوات النظام السوري ومقيم في دولة لبنان، قال لشبكة آسو الإخبارية، إن الأطماع التركية واضحة في الشمال السوري، وتحاول تركيا إبقاء الوضع العسكري وخارطة السيطرة العسكرية على ماهو عليه الآن، لضمان أطول فترة ممكنة من السيطرة على الشمال السوري.

أوهمت تركيا المدنيين في الشمال السوري وفصائل المعارضة المسلحة والمجتمع الدولي، بأنها مناصرة للقضية السورية وتقف إلى جانب الشعب السوري في تحقيق مطالبه بالحرية والعدالة وإسقاط النظام السوري، لكن الموقف التركي أخذ بالتغير منذ عام 2017، وبدأت باحتلال مناطق واسعة من سوريا على الشريط الحدودي في الشمال السوري بحجة” الأمن القومي” وإبعاد قوات سوريا الديمقراطية عن حدودها الجنوبية.

وأضاف أن بناء جدار يفصل مناطق الشمال السوري عن مناطق سيطرة قوات النظام السوري، يعد تعدياً واضحاً على سيادة الأراضي السورية، وتسعى تركيا إلى استمرار وجودها مستقبلاً في الأراضي السورية، ولا يوجد لديها نية للانسحاب من الأراضي السورية التي تسيطر عليها بواسطة الفصائل المسلحة التي تمدها بالدعم المالي والعسكري بشكل كبير.

وأشار العلي أن بناء الجدار الإسمنتي يعني تملص السلطات التركية من تعهداتها بشأن إجبار قوات النظام السوري على التراجع من المناطق التي سيطر عليها خلال عامي 2019 و2020، وتشمل أرياف مدن حلب وحماة وإدلب، حيث نزح من هذه المناطق أكثر من مليون نسمة، يعيش غالبيتهم ضمن مخيمات النزوح في ظل أوضاع معيشية صعبة للغاية.

تراجع الترحيب الشعبي بالوجود التركي في الشمال السوري
وتشهد مدن الشمال السوري تراجع بالترحيب الشعبي بالوجود التركي لدى السوريين، بعد أن خابت آمالهم بتركيا، ويدرك غالبية السوريين أن تركيا لم تعد تعمل إلا لصالحها فقط وتتخذ من فصائل “الجيش الوطني السوري” أداة لتنفيذ أجنداتها ومطامعها في الشمال السوري.

كما شهدت مناطق الشمال السوري خروج عدة مظاهرات شعبية تندد بتعاطي تركيا مع القضية السورية، ومن المحتمل أن تزداد حدة الرفض الشعبي للوجود التركي في سوريا في حال استمرار تركيا باحتلال المزيد من الأراضي السورية، إذ باتت المطامع التركية مكشوفة للأهالي دون التزامها بضمان مصير آلاف النازحين في المخيمات شمال سوريا.

ومع انتشار خبر بناء الجدار الذي بدأه الاحتلال التركي، طال مشروع بناء الجدار انتقادات واسعة من قبل المدنيين المقيمين في الشمال السوري، حيث اعتبروا ذلك بداية احتلال جديد للمناطق من قبل تركيا بذريعة حماية المدنيين، ومشددين على ضرورة أن تلتزم تركيا بتعهدها في إعادة النازحين والمهجرين إلى قراهم وبلداتهم، بدل أن تقوم ببناء الجدار وحفر خندق فاصل مع مناطق سيطرة قوات النظام السوري.

يقول “بلال العبد المنعم” وهو مقيم في بلدة جنديرس في ريف حلب الشمالي لشبكة آسو الإخبارية، أن تركيا قد عزلت منطقة الشمال السوري عن سوريا بشكل كامل، وجعلته قطاع شبيه “بقطاع غزة” في فلسطين، وذلك ليسهل عليها البقاء لأطول فترة ممكنة.

ويضيف “المنعم” أن الاحتلال التركي يتخذ من قضية حماية المدنيين ومنع هجمات عسكرية من قبل قوات النظام السوري كذريعة لاستمرار احتلال الأراضي السورية، وهذا ما يرفضه غالبية سكان الشمال السوري الذين تيقنوا بعد عقد من الأزمة السورية، بأن تركيا تنفذ مخطط خطير في الشمال السوري وهو تغيير ديمغرافية المنطقة.

ويتابع “المنعم” بأنه لم يكن لدى الاحتلال التركي وفصائله المسلحة نية باسترجاع المناطق التي سيطرت عليها قوات النظام السوري خلال عامي 2019 و2020، في حين تعمل تركيا على توحيد صفوف الفصائل الموالية لها في ريف حلب الشمالي، عليها أن تعمل على إعادة المناطق لا أن تعزل بقعة جغرافية واسعة من سوريا لتصبح مستقبلاً جزءاً من الأراضي التركية.

ويشير “المنعم” بأن جميع الدلائل والإشارات تدل على عدم وجود نية لدى سلطات الاحتلال التركي بمغادرة الأراضي السورية في وقت قريب، فهي تثبت أركان سيطرتها على جميع المستويات والمجالات، من خلال دعم الوجود العسكري والهيمنة على القطاعات الحيوية مثل القطاع الطبي والاقتصادي والزراعي وقطاع الخدمات.

مؤكداً بأن المدنيين في الشمال السوري لديهم استياء من طريقة تعاطي الاحتلال التركي مع القضية السورية، ولاسيما فيما يخص موضوع سحب القدرة على اتخاذ القرار العسكري من الفصائل الموالية لها وتحويل هذه الفصائل لمرتزقة بيد تركيا لتنفيذ أجنداتها، وليس من المستبعد أن تشهد مناطق الشمال السوري ثورة جديدة ضد التدخل التركي في الشأن السوري.

قالت “حنان سويد” وهي مقيمة في مخيم صامدون ضمن بلدة سلقين في ريف إدلب الشمالي لشبكة آسو الإخبارية، أن نقاط المراقبة التي تنتشر في معظم مناطق الشمال السوري لم يعد لها أي أهمية، بعد أن قام الاحتلال التركي بتسليم أجزاء واسعة من أرياف حلب وحماة وإدلب لقوات النظام السوري، وسحبت منها نقاط المراقبة خلال بضعة أيام في المعارك التي دارت خلال عامي 2019 و2020.

وتضيف “سويد” في حال بناء الجدار وعزل مناطق الشمال السوري فإن هذه النقاط العسكرية التي كانت أساساً لهدف الفصل بين فصائل المعارضة المسلحة وقوات النظام السوري لم يعد لها أي دور فعلياً، وأن تركيا نجحت بخداع الشعب السوري واستطاعت التمكن من إحكام سيطرتها على مناطق الشمال السوري.

التنديد فقط لا يكفي بل يجب أن يكون هناك مظاهرات شعبية وتحرك قوي للضغط على تركيا، من أجل إيقاف تلاعبها بالقضية السورية، ولا سيما فيما يخص إعادة اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيها وترحيلهم، أو شن عملية عسكرية جديدة شمال شرق سوريا، وبناء جدار وحفر خندق لتقسيم الأراضي السورية، على حد قولها.

موضحة أن كل هذه التجاوزات والانتهاكات يجب أن تتوقف، وهناك الكثير اليوم يرغبون بخروج تركيا من سوريا ورفع يدها عن الفصائل فهي لم تقدم للشعب السوري سوى المزيد من الخراب، والانتقال من نظام مستبد متمثل بالنظام السوري إلى نظام مستبد آخر يقوده أردوغان.

وتطالب “حنان السويد” بخروج جميع القوات العسكرية التركية من الأراضي السورية والعمل على إعادة تفعيل الحراك الثوري الذي بدأت به الثورة السورية، بعيداً عن الأجندات الخارجية، مؤكدة رفضها لمشروع بناء الجدار الإسمنتي الذي تشيده تركيا على طول نقاط التماس بين مناطق سيطرتها ومناطق سيطرة قوات النظام السوري.

الناشط الصحفي “خليل العمر” من ريف إدلب الشمالي قال لشبكة آسو الإخبارية، أن تركيا دائماً ما كانت تكرر التزامها بوحدة الأراضي السورية وعدم السعي للتقسيم، ولكن خلال السنوات الثلاث الأخيرة بدأت تظهر أطماع تركيا بالهيمنة على المناطق التي سيطرت عليها، وبعد أن قدمت تركيا طوال هذه السنوات دعماً غير محدود للفصائل التي تتبع لها ومنها فصائل مصنفة على قوائم الإرهاب، سعت لاستثمار هذا الدعم وقضم المناطق السورية.

ويتابع “العمر” أن تركيا تهدف من بناء الجدار هو ضمان عدم تقدم قوات النظام السوري إلى هذه المناطق، والحفاظ عليها مستقرة تحت وصايتها على الأقل خلال الفترة الحالية، وربما تتطور هذه الوصاية مستقبلاً إلى حد تضم فيه هذه المناطق للخريطة التركية وتصبح أراضي تركية على غرار “لواء اسكندرون” السوري.

وأوضح “العمر” أن تركيا تهدف للتخلص من اللاجئين السوريين قبل بدء الانتخابات الرئاسية التركية، ولهذا تحاول تجهيز منطقة الشمال السوري وضمان الاستقرار فيها لتقوم بترحيل جميع اللاجئين السوريين إليها، وتحاول تركيا الانتهاء من هذا المشروع قبل عام 2023.

يتوجب على الفصائل المسلحة بما فيها الجماعات الإسلامية مثل “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً)، أن تتخلص من “العبودية” لتركيا، ويكون لديها القدرة على اتخاذ القرار العسكري والقدرة على إحداث تغيير في المنطقة، والانطلاق من مبدأ رفض تقسيم سوريا ورفض “التغيير الديمغرافي” وهذا هو الحل الوحيد والأمثل والذي نراه بعيداً وشبه مستحيل، على حد قوله.

ويخطط الاحتلال التركي لإعادة مليون لاجئ سوري كخطوة أولى من مشروعها الذي تسميه “المنطقة الآمنة” و “العودة الطوعية”، وذلك عبر بناء المزيد من المستوطنات داخل المناطق المحتلة في ريف حلب الشمالي، إضافة لبناء مستوطنات في مدينة إدلب وريفها كان آخرها في 3 أيار الفائت، حيث افتتح وزير الداخلية التركي “سليمان صويلو” مستوطنة سكنية جديدة في بلدة باتبو بريف إدلب الشمالي.