Connect with us

أخبار وتقارير

تركيا خدعت المعارضة… والآن بدأت بالكشف عن نيتها بالتقرب من النظام السوري

نشر

قبل

-
حجم الخط:

يامن الخالد – إدلب
بعد سنوات من خداع تركيا للسوريين بادعاء الوقوف إلى جانب الشعب السوري وتطلعاته لإقامة دولة ديمقراطية وإسقاط النظام السوري، ورفع الاستبداد والظلم عنهم، ظهر العكس، وبدأت حكومة الاحتلال التركي أخيرًا\ مؤخراً بإظهار حقيقة نواياه، والعمل لأجل مصالحه، واستغلال ملف المعارضة السورية، عبر البحث عن طريقة للتقرب من حكومة النظام السوري بشكل علني، لاستمرار سلسلة مصالحها باستهداف الوجود الكردي في سوريا، ما سبب صدمة كبيرة لدى اللاجئين السوريين في تركيا، والسوريين المقيمين في الشمال السوري الذين أعلنوا رفضهم العودة لحضن النظام السوري والتصالح معه، في حين كانت مواقف المعارضة السورية بكل قطاعاتها سلبية اتجاه اغتصاب تركيا لمناطق في سوريا، وإعلان تركيا الحرب ضد الكرد السوريين.

تركيا خدعت السوريين
صدرت في الفترة الأخيرة تصريحات عديدة من مسؤولين أتراك، تنافي منطق تركيا في دعم المعارضة السورية، فبدأت تغازل حكومة النظام السوري، وتعلن عبر تصريحات رسمية من مسؤوليها عن وجود تقارب في وجهات النظر، ونية تركيا بالتواصل والتنسيق والاتفاق على محاربة الإرهاب، وأن اتفاق بين النظام والمعارضة بات ضرورة.

كان آخر هذه التصريحات التي أشعلت الشارع السوري، تلك التي خرج بها وزير الخارجية التركية “تشاويش أوغلو” يوم الخميس 11 آب الجاري، والتي نقلتها عنه “وكالة الأناضول” الرسمية التركية والتي قال فيها “يجب علينا مصالحة المعارضة مع النظام السوري وإلا فلن يكون هناك سلام دائم”، لكن سرعان ما قامت الوكالة بتعديل التصريح بعد ردة الفعل من قبل السوريين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.

رداً على هذه التصريحات خرج عشرات الآلاف من السوريين ظهيرة اليوم التالي 12 آب الجاري بمظاهرات عارمة امتدت لجميع مناطق الشمال السوري، بدءاً من مدينة إدلب وعدة بلدات في ريفها مثل سرمدا والدانا وحزانو ودركوش وجسر الشغور والمسطومة وغيرها، وصولاً لمناطق ريف حلب الشمالي، شملت مدن مغتصبة من تركيا مثل سري كانيه\ رأس العين وعفرين، وعمت المظاهرات كل من مدن وبلدات إعزاز والباب والراعي وغيرها الكثير من المناطق.

“نجيب الغازي” مهجر من منطقة سهل الغاب في ريف حماة الغربي ويقطن في بلدة إعزاز في ريف حلب الشمالي، قال لشبكة آسو الإخبارية، إنه خرج في المظاهرات للتنديد بالتقارب التركي مع النظام السوري الذي تسبب بتهجير قرابة 14 مليون سوري خارج وداخل سوريا، وارتكابه أفظع الجرائم من قتل واعتقال بحق مئات الآلاف من السوريين، وبعد كل ما عاناه الشعب السوري على يد النظام السوري تريد دولة الاحتلال التركي إعادة السوريين تحت رحمته.

وأضاف: النظام السوري لا يفهم سوى لغة القتل والتعذيب وفكرة العودة تحت حكمه مستحيلة وهي خيانة لدماء مئات الآلاف ممن ضحوا بأنفسهم في سبيل نيل الحرية والكرامة، ولكن الضامن التركي كشف عن وجهه الحقيقي، وتريد تركيا اللعب بورقة اللاجئين السوريين وإعادتهم إلى سوريا من أجل مصالحها، بسبب اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، كما أنها تريد إعادة اللاجئين السوريين لترضي الأحزاب المعارضة.

فات الميعاد
فات الميعاد جملة وصف بها ناشطون سوريون الموقف التركي من المعارضة السورية، ظهر الحديث عن تأخر المعارضة السورية في اتخاذ موقف من تركيا التي قوضت الحراك السوري، وشاركت في مساق استانا الذي زاد من مأساة السوريين، وأسفرت عن مقايضات بين تركيا وروسيا بتسليم مناطق في الشمال الغربي للنظام مقابل اغتصاب تركيا لمناطق كردية في سوريا.

ذكر العديد من الناشطين الكرد السوريين، أن موقف المعارضة السورية اليوم تجاه تركيا جاء متأخرًا، وأنه كان يجب أن يظهر مع اغتصاب تركيا لأراضي في شمال وشرق سوريا، وخلال تهجير السكان الأصليين وتوطين مستوطنين من محافظات أخرى، ومساندة الجيش الوطني السوري المحسوب على الثورة لتركيا.

تصاعد المظاهرات
المظاهرات التي خرجت في الشمال السوري شكلت ردة فعل قوية ضد الموقف التركي، وأظهرت أن الموقف موحد بعدم الرغبة الشعبية للمصالحة مع النظام السوري، وأن تركيا ليست وصية على الشعب السوري وليس لها حق تقرير مصيره، على حد وصف نجيب غازي. لكن في المقابل كان موقف معارضين سياسيين سوريين وعسكريين مغاير بالتبرير لتركيا والدفاع عنها.

واعتبر “نجيب غازي” بأن الحل الوحيد الذي يقبل به الشعب السوري هو تنحي رأس النظام ومحاسبته مع جميع المتورطين بقتل وتهجير الشعب السوري، وإقامة دولة ديمقراطية تعددية يسودها العدل والمساواة بين جميع مكونات الشعب السوري.

مواقف مخزية من المعارضة السياسية والعسكرية
لم يكن هناك موقف واضح من المعارضة السياسية والعسكرية، كما لم يظهر موقف من المجتمع المدني والإعلام السوري، وهي مؤسسات أشبه بمؤسسات مقوضة من قبل تركيا، فبدل أن يكون هناك موقف تجاه السوريين الرافضين للقرار التركي، توقف العديد منهم عند حادثة حرق العلم التركي في إعزاز وأبدوا اعتذارهم من تركيا، وظهرت بيانات وتصريحات من الحكومة المؤقتة ومعارضين سوريين تندد بحرق العلم التركي.

كما قام مجموعة من القادة العسكريين في الجيش الوطني السوري بالاعتذار من حرق العلم التركي، ونشروا أنهم سيقومون بمحاسبة الفاعلين، وبالفعل تداولت وسائل إعلام باعتقال اشخاص على خلفية حرق العلم التركي وأكد مسؤولون أتراك بذلك وأشادوا بدور الجيش الوطني السوري في ذلك.

عقب موجة الاستياء الشعبي وخروج الآلاف في مظاهرات واسعة وحرق الأعلام التركية والتجمهر أمام المؤسسات ونقاط المراقبة التركية، خرج وزير الداخلية “سليمان صويلو” في تصريحات جديدة عبر حسابه على “تويتر” يوم الجمعة 12 آب، في محاولة لامتصاص غضب الشارع السوري، قال فيها: إن بلاده لم ولن تترك السوريين الذين يئنون من ظلم النظام السوري، وأن حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي شمالي سوريا، نشرت في وقت سابق كلاماً على لسانه، متهماً حزب العمال الكردستاني والوحدات الكردية وقوات سوريا الديمقراطية والنظام بالوقوف خلف نشر كلام له مفهوم بطريقة خاطئة.

وأصدرت وزارة الخارجية التركية في 12 آب الجاري بياناً قالت فيه، أن تركيا ومنذ بداية الأزمة في سورية من أكثر الدول التي عملت على دعم حلول للأزمة تقوم على تحقيق مطالب الشعب المشروعة، وأضاف البيان أن تركيا كانت في مقدمة الأطراف التي عملت على ترسيخ وقف إطلاق النار ميدانياً، وساهمت في مساري استانا وجنيف، وبناء اللجنة الدستورية، وقدمت الدعم الكامل للمعارضة وهيئة التفاوض.

تركيا ذاهبة لمصالحة مع النظام وضرب الكرد
تظهر جميع النوايا أن الحكومة التركية مصممة على إعادة علاقاتها مع النظام السوري بشكل واضح، رغم كل التصريحات التي خرج بها الأتراك مبررين فيها تصريحات “أوغلو” التي أزاحت الستار عن نوايا الحكومة التركية وكشفت بأن لا مشكلة لدى تركيا بإعادة علاقاتها مع النظام السوري، بحسب الناشط “مؤيد العلي” (اسم مستعار)

ويضيف العلي، أن هناك مراوغة سياسية تقوم بها الحكومة التركية، في الوقت الذي تدعي فيه تركيا استمرارها في دعم قضية السوريين وتطلعاتهم لإسقاط النظام وإقامة دولة ديمقراطية تعددية، هناك في الجهة المقابلة تنسيق وتواصل مستمر بينها وبين حكومة النظام، وهي تنظر للفصائل التي تدعمها في الشمال السوري على أنها أدوات لتنفيذ أجنداتها، وحينما ينتهي دور هذه الفصائل ستتخلى عنهم تركيا، وتزج بقياداتها في السجون.

وأعرب “العلي” عن قلقه بقيام الحكومة التركية بإعادة اللاجئين السوريين إلى الشمال السوري، وهذا غير مستبعد بسبب استعداد أردوغان تقديم كل التنازلات مقابل بقائه في السلطة، وفكرة عودة اللاجئين حالياً شبه مستحيلة لعدم وجود أماكن سكنية تتسع لهم في الشمال السوري وعدم تهيئة المنطقة خدمياً، وفي حال قررت تركيا ذلك يجب على الفصائل أن تصحو من سباتها وتخلع العباءة التركية وتعتمد على نفسها في استعادة المناطق من قبضة النظام السوري لإعادة اللاجئين والنازحين.

في الوقت الذي صرح فيه وزير خارجية تركيا “تشاويش اوغلو” عن إمكانية إجراء مصالحة بين النظام السوري والمعارضة السورية، كان قد تحدث أيضاً عن لقاء قصير جمعه بنظيره السوري، وتحدثا عن ضرورة محاربة الإرهاب في الشمال السوري علماً بأن النظام السوري يعتبر كل من في الشمال السوري إرهابيين من مدنيين وفصائل عسكرية.

الأستاذ “سليم الأحمد” (اسم مستعار) وهو دكتور جامعي في جامعة إدلب قال لشبكة آسو الإخبارية، إن حقيقة النوايا التركية أصبحت واضحة، ففي الوقت الذي تدعو فيه لمصالحة المعارضة السورية مع النظام السوري الذي مارس أبشع وسائل القمع ضد الشعب السوري، تصر تركيا من جهة أخرى على شن عملية عسكرية ضد مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية.

وأضاف: من هنا نفهم بأن الهدف ليس إعادة المياه لمجاريها وإجراء مصالحة لصالح الطرفين ولصالح سوريا ومستقبلها، بل الغاية والهدف هي المقايضة وسوف تقوم بتسليم مناطق للنظام وروسيا، وتسليم العناصر والضباط المنشقين عن الجيش السوري للحكومة السورية، مقابل السماح لها باحتلال المزيد من المناطق في شمال شرق سوريا والخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية.

تركيا لديها مشروع استيطاني وتعمل عليه باتخاذ خطوات تدريجية، فالسؤال هنا لماذا لا تقوم تركيا بمصالحة قوات سوريا الديمقراطية، وإحلال السلام والكف عن احتلال المزيد من الأراضي السورية؟، فلا بد من الوعي من مخطط تركيا المستقبلي في سوريا، وهنا يأتي دور الفصائل التي يجب أن تتخلى عن تركيا ولا تسمح لها بالتلاعب بمصير الشعب السوري، على حد قوله.

وأكد الأحمد بأن موقف غالبية المدنيين في الشمال السوري بالنسبة للأكراد هو موقف إيجابي، ويعتبرون المكون الكردي جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي السوري ولكن الفصائل التابعة لتركيا تحاول تشويه صورة الكرد في الشمال السوري، ونرفض احتلال تركيا المناطق الكردية وتهجير أصحابها الكرد من أراضيهم.
لكن ناشطون كرد يرون في الموقف السوري الحالي ضد تركيا بأنه يجب أن يشمل فعليا ما قامت به تركيا في سوريا، وأن يكون بالفعل هناك عودة عن الدعم التركي ومشاهدة ما تقوم به تركيا بحق الكرد السوريين، وأن الهدف التركي من التقرب من النظام هو ضرب أي مشروع كردي في سوريا، ويستهدف وجود الكرد السوريين.

الجدير بالذكر بأن الإعلان التركي عن وجود تقارب مع النظام السوري، لم يقتصر على حديث وزير الخارجية التركي “تشاويش أوغلو” بل كشفت مصادر مقربة من الحكومة التركية قبل أيام عن احتمالية إجراء مكالمة هاتفية بين الرئيس التركي “رجب طيب اردوغان” ونظيره السوري “بشار الأسد” بوساطة بعض الدول الخليجية ودولة الجزائر.

وكان “أردوغان” قد صرح مطلع شهر آب الحالي، “بوتين لديه مقاربة تقوم على تفضيله لجوء تركيا إلى خيار حل مسألة مكافحة الإرهاب مع النظام، ونحن نقول إن أجهزة استخباراتنا تتواصل مع استخبارات النظام السوري حول هذه المواضيع، ولكن المهم التوصل إلى نتيجة، فإن كانت أجهزة استخباراتنا تلتقي مع مخابرات النظام، ورغم ذلك يتحرك الإرهابيون في المنطقة، فيجب عليكم (روسيا) دعمنا في هذا الأمر، ولدينا اتفاق بهذا الخصوص”.