Connect with us

مدونة آسو

الأكراد يكرّسون الفدراليّة بدعمها في انتخابات محلّيّة

نشر

قبل

-
حجم الخط:

يستعدّ الأكراد في سوريا إلى تشكيل اتّحاد فدراليّ لشمال سوريا بإجراء انتخابات محلّيّة، تشمل البلديّات ومجالس المحافظة، في جغرافيا تسيطر عليها قوّات سوريا الديمقراطيّة يقودها مقاتلون أكراد. بينما يعلن مجلس سوريا الديمقراطيّة عن مشاركة أحزاب مختلفة ومكوّنات متعدّدة في الانتخابات، ويغيب عن المشاركة المجلس الوطنيّ الكرديّ كطرف مناهض للسلطات المحلّيّة، مع اعتراض من قبل المعارضة السوريّة التي تتّهم حزب الاتّحاد الديمقراطيّ بالهيمنة على المنطقة، وبالتزامن مع رفض إقليميّ في موقف تركيا التي هدّدت أخيراً باقتحام عفرين في ريف حلب، عدا لقاءات تركيّة تجري مع روسيا وإيران لوقف التمدّد الكرديّ.

أعلن الأكراد في شمال سوريا بتاريخ الخامس من كانون الأول/ ديسمبر ٢٠١٧ عن نتائج انتخابات ستكرس لبنّة حكم فيدرالي في روجآفا برغم معارضة النظام السوري وغضب تركي. ففي مؤتمر صحفي من مدينة “عامودا” بشمال سوريا، ذكرت المفوضية العليا للانتخابات إلى أن نسبة المشاركة في الانتخابات المرحلة الثانية من فيدرالية شمال سوريا بلغت ٦٩٪.

المرحلة الأولى بدأت بإجراء انتخابات محلية للكومونات (وهي مجالس وحدات صغيرة على مستوى الأحياء السكنيّة في النظام الفدراليّ) في ٢٢ أيلول/ سبتمبر الماضي، تلاها في الأول من كانون الأوّل/ديسمبر الجاري انتخابات مجالس الأقاليم (البرلمان الفدراليّ في شمال سوريا).

وكان المجلس التأسيسيّ للنظام الفدرالي الديمقراطيّ لشمال سوريا كما يعرّف عن نفسه، صادق من مدينة رميلان (شمال شرق سوريا) في تمّوز/يوليو 2017 على قانونين في خصوص المناطق الفدراليّة وتحديد موعد الانتخابات الفدراليّة. فيما تمّت المصادقة على دستور الفدراليّة في شمال سوريا في 28 حزيران/يونيو 2016.

المرحلة الأولى للانتخابات جرت في 22 أيلول/سبتمبر الماضي شملت الأحياء في المدن والقرى، والمرحلة الثانية جرت في الأول من كانون الأول الجاري وشملت انتخابات البلديّات في القرى والبلدات والنواحي والمقاطعات، لتحضر الفيدرالية لانتخابات مجالس المحافظات والأقاليم (مؤتمر الشعوب الديمقراطيّ في شمال سوريا) المتوقع إجراؤها في شهر كانون الثاني/ يناير لعام ٢٠١٨.

وتشارك فيها وشارك في انتخابات الأول من كانون الأول الجاري 7 قوائم، إضافة إلى آلاف المرشّحين، في مناطق شملت محافظة الحسكة (الجزيرة) في الشمال الشرقيّ، والفرات (شملت تل أبيض وكوباني)، وعفرين التي تضمّ إضافة إلى منطقة عفرين أجزاء من ريف حلب الشرقي هي مناطق الشهباء. فيما استثنيت مناطق (الرقة ومنبج والطبقة) بحكم أنها مناطق لم تخضع لفدرالية شمال سوريا بعد!

انتخابات الأول من كانون الأول/ ديسمبر شملت 21 حزباً تمثّل أكراداً وعرباً ومسيحيّين وسرياناً آشوريّين من أبناء المنطقة روجآفا.

ويقول مصطفى مشايخ، وهو نائب سكرتير حزب الوحدة الديمقراطيّ الكرديّ في سوريا، أحد الأحزاب المشاركة في الانتخابات في قائمة التحالف الوطنيّ الديمقراطيّ الكرديّ Hevbendi كطرف مقابل لقائمة حركة المجتمع الديمقراطيّ Tev Dem (التي يقودها حزب الاتّحاد الديمقراطيّ)، في حديث إلى “المونيتور” إنّهم لا ينتمون إلى الإدارة الذاتيّة الديمقراطيّة التي تدير المنطقة (يديرها حزب الاتّحاد الديمقراطيّ الـPYD)، لكنّهم يعتبرون أنّ مشاركتهم في الانتخابات المجالس والبلديات نبعّت من رؤيتهم أنّهم جزء من المشروع الفدراليّ في شمال سوريا (روج آفا)، وأنّه من الضروريّ وجود تعدّدية سياسيّة تقبل الرأي الآخر. وأضاف مشايخ أنّه “يجب أن نكون شركاء في تأسيس إدارة جماعيّة لكلّ المكوّنات من أجل إعادة الثقة إلى المواطن لكي يكون صوته في صندوق الانتخابات شراكة في صنع القرار”. ويتابع أنّ مشروع الفدراليّة قادر على لمّ شمل السوريّين من دون إقصاء، و وأن يكون أحد ركائز مناهضة الاضطهاد والاستبداد والإرهاب.

وحصلت قائمة التحالف الوطني الديمقراطي التي تضمن حزب مشايخ على ٤٠ مقعدًا في الجزيرة وعدد مماثل في إقليم الفرات و٧٢ مقعدًا في عفرين.

ولا يشارك المجلس الوطنيّ الكرديّ ENKS (وهو يضمّ مجموعة من الأحزاب الكرديّة التي تعارض سلطة الإدارة الذاتيّة الديمقراطيّة) في الانتخابات بل يقاطعها بشكل تام، حيث يعتبر القوى السياسيّة المنافسة لـحركة المجتمع الديمقراطيّ في المناطق الكرديّة. ويعتبر المجلس أنّ هذه الخطوة في الإقبال على انتخابات فيديرالية شمال سوريا أحاديّة الجانب من طرف حزب الاتّحاد الديمقراطيّ، ويطالب جماهيره في بيان رسمي بمقاطعة الانتخابات كافة.

لكن لدى الرئيسة المشتركة للهيئة التنفيذيّة لمجلس سوريا الديمقراطيّة مسد فوزة يوسف وجهة نظر أخرى، وهي أنّهم يسعون إلى تشكيل إدارة تعمل لتكريس الحقوق لكلّ مكوّنات منطقة ، وتقول لـ”المونيتور” إنّه “سيكون هناك تمثيل عادل للجميع، فنحن نعمل لأجل كلّ المكوّنات”.

وتشدّد فوزة التي تمثل جزء من السلطة القائمة في المناطق الكردية على أنّ اختيار الشكل الفدراليّ يخدم كلّ المكوّنات وفي شكل ديمقراطيّ، وتضيف: “المنطقة اليوم باتت واسعة، من هنا تأتي أهمّيّة تشكيل جسد يوحّد هذه المناطق ويحقّق التكامل الإداريّ والاقتصاديّ والثقافيّ والأمنيّ بينها”.

لكنّ تجمّعات عربيّة مناهضة للإدارة الذاتيّة ترفض الانتخابات الجارية، وتتّهم حزب الاتّحاد الديمقراطيّ بأنّه يقوم على مشروع يعمل على “تقسيم سوريا”، بحسب عضو الهيئة السياسيّة لقوى الثورة السورية في الحسكة فوّاز المفلح خلال حديثه إلى “المونيتور”.

لكن لدى محمّد الحسن رأي مخالف كشابّ عربيّ من مقاطعة عفرين وعضو قائمة التحالف الوطنيّ الديمقراطيّ التي تضمّ أحزاباً عربيّة، فيرفض الحسن الحديث عن هيمنة الأكراد على المنطقة، معلّلاً ذلك بأنّ هناك الكثير من أبناء المكوّن العربيّ في مراكز القرار والسلطة. ويقول لـ”المونيتور” إنّ العرب المشاركين في الانتخابات هدفهم إنجاح المشروع الديمقراطيّ لشمال سوريا. ويضيف: “إنّنا أبناء هذه المقاطعة وعلينا أن نكون جزءاً من بناء إرادتنا ومجتمعنا والدفاع عن مكتسباتنا وحقوقنا”.

لكنّ المفلح يصرّ على أنّ غالبيّة أبناء المكوّن العربيّ ضدّ الانتخابات الحاليّة، ويتّهم الفئة التي تؤيّد الانتخابات بأنّ لها “أهدافها ومصالحها مع سلطة الأكراد في شمال سوريا”. ويعود المفلح ويصف الانتخابات بأنّها “مسرحية هزليّة”، وبـ”أنها ستزول بعد زوال النظام”. ولا يقف المفلح عند ذلك، بل يتّهم السلطة الكردية بالعمل على “المساس بوحدة سوريا”. ويعوّل معارضون لمشروع الفدراليّة على تدخّل دول في إسقاط حلم الأكراد، فيقول المفلح: “الولايات المتّحدة الأميركيّة لن تساند القوّات الكرديّة في حال تقدّمت تركيا في اتّجاه الأراضي التي يسيطر عليها الأكراد”.

وتعمل تركيا في شكل صريح في محاربة المشروع الكرديّ في شمال سوريا، على أنّ وحدات حماية الشعب هي قوى تتبع حزب العمّال الكردستانيّ (التي تحاربه أنقرة وتصفه بمنظمة إرهابية). ووطّدت تركيا علاقاتها أخيراً مع روسيا وإيران، وأزالت بذلك الجمود بينها وبين والنظام السوريّ، فلا يخلو تصريح تركيّ من مهاجمة الأكراد في شمال سوريا، والحديث أخيراً عن التقدّم في اتّجاه عفرين. الموقف التركيّ في رفض الانتخابات يؤكّده السياسيّ التركيّ والقريب من الحكومة التركيّة زاهد غول، ويقول لـ”المونيتور”: “بالنسبة إلى الحكومة التركيّة، تتبع سلطة شمال سوريا حزب العمّال الكردستانيّ”. لكنّ مستشار الرئاسة المشتركة لحزب الاتّحاد الديمقراطيّ سيهانوك ديبو يصف الموقف التركيّ بأنّه “معادٍ للمنطقة” ويذكر لـ”المونيتور” أنّ قوى دوليّة وإقليميّة (على رأسها تركيا) تعمل على الضخّ الهائل لتشويه حقيقة المشروع الفدراليّ، ويقول إنّ التحالف الثلاثيّ الروسيّ-التركيّ-الإيرانيّ لن يدوم كثيراً، مضيفاً أنّه “تاريخيّاً شابت علاقة هذه الدول التناقضات ممّا يجعل الاستمراريّة في وضعها الحاليّ صعباً”. ويضيف: “قد تتورّط تركيا في الهجوم على مناطق روج آفا، لكنّ ذلك سيكون بداية خروج تركيا من كلّ المناطق التي احتلّتها في شمال سوريا”.

يسير الأكراد في مشروعهم، في تجاذبين بين دعم عسكري مقدم من قبل الولايات المتّحدة الأميركيّة والتحالف الدولي لمقاتلين أكراد أثمر في طرد داعش من مناطق بشمال سوريا (روجآفا)، وعدم دعم واضح سياسيًا تجاه الأكراد من قبل الولايات المتحدة على العكس يتم نشر حديث عن امكانية وقف الولايات المتحدة دعمها العسكري أيضًا! يقابل ذلك ضغط تركيّ في اتّجاه وقف تمدّد الأكراد في شمال سوريا، في حين أن لا شيئ واضح دون البدء بمسار حلّ سوريّ حقيقيّ.