مجتمع محلي
العام الدراسي الجديد بين قدرة الأهالي وغلاء المستلزمات
آسو-أحمد دملخي
مثل كل عام في هذه الأثناء يطرق العام الدراسي الجديد أبواب الأهالي حاملاً الفرحة للأطفال بعودة المدرسة… ولكن هذه الفرحة ليست سوى هاجس كبير على الأهالي بسبب غلاء أسعار المستلزمات المدرسية المعروضة بأسواق المدينة إيذاناً بحلول موسم الدراسة و التزاماتها.
إلى جانب ما تشكل عودة المدارس من فرحة لدى الأطفال وحيوية لنشاط حركة المجتمع في المدينة باكتمال صورتها فإنها تثقل كاهل العائلات الفقيرة، فكل طالب يرتاد المدرسة يحتاج إلى 15000 ل.س كحدٍّ أدنى لتجهيزه وهذا المبلغ رغم بساطته لدى العوائل المقتدرة، إلا أنه يشكل عبئاً على العائلات الفقيرة، هكذا يقول صاحب إحدى مكتبات القرطاسية في منبج.
“أبو محمد” صاحب إحدى المكتبات القرطاسية في منبج، بدأ بالتحضيرات لموسم المدارس منذ قرابة الأسبوع، حيث جلب الحقائب المدرسية والدفاتر والأقلام، وعرضها على واجهة المكتبة ليراها المارة في الشارع.
يقول “أبو محمد” لشبكة آسو الأخبارية، تزداد أهمية الموسم الدراسي بالنسبة لنا، حيث يزداد الإقبال على مكتبات المدينة، إلا أننا واجهنا الكثير من المشاكل خلال العام الماضي والعام الحالي، منها الصعوبة في الحصول على المستلزمات المدرسية، وصعوبة التنقل، سواء من المناطق الحكومية السورية كدمشق وحلب وغيرهما من المحافظات أو مناطق سيطرة المعارضة السورية (درع الفرات) كمدينة اعزاز.
مبيّنّا أن سعر البضائع القادمة من تلك المناطق قد تضاعف بسبب مصاريف النقل والرسوم التي يتم دفعها على الحواجز لكلا الطرفين.
ويستمر “أبو محمد” في حديثه قائلاً، نحن أصحاب مكتبات منذ فترة طويلة، وقد واكبنا كل الفترات الماضية، لكن هذه الفترة هي الأصعب على الأهالي فقد خرجوا من حصار مدمر لكل شيء من البناء إلى دمار الأنفس، فالناس بحاجة لتخفيف أعبائهم، واليوم يوجد في كل منزل من منازل منبج على أقل تقدير طالب مدرسي واحد، وهذا الطالب سيكون عبئً على أهله من الناحية المادية، وقد قامت إحدى المنظمات بتوزيع مستلزمات مدرسية للطلاب في العام الماضي، ولكن هذا العام لم نرَ من هذا القبيل.
وعن الصعوبات التي تواجههم كأصحاب هذه المهنة في الفترة الحالية يقول “أبو محمد” إن كل التجهيزات الخاصة بالمدرسة من كتب وأقلام وحقائب تأتي عبر الجمارك، وهذا يسبب إضافة لأجور النقل رفع بسعر القطعة، لتصل أحيانًا إلى ضعفين عن السعر الأساسي، وعندما نقول للزبائن الحقيقة يتهموننا بالتزييف، لكن بالأخذ بعين الاعتبار أن هذه المستلزمات أو معظمها إن جاز التعبير لها وقت محدد للتصريف، وتنتهي فترة موسمها ناهيك عن أن بعض القطع التي تأتي معطوبة وفيها عيوب ولا يعترف بها التاجر المصدر لنا وكوننا لا نستطيع في بعض الأوقات التوجه إلى مكان تواجد التاجر، إما لأسباب تتعلق بطول الطريق أو عدم أمانه أو بسبب انشغالنا بأعمال أخرى، فيتحكم بنا التاجر ويقوم بوضع أصناف وبضائع كاسدة ولا يمكن تصريفها، ولا نستطيع الرفض أو ارجاعها، ناهيك عن أن هذه العملية تكلف الكثير من الوقت وستكون الفاصل الذي ينهي العلاقة مع هذا التاجر .
في الجانب الآخر من المعاناة وملاقاة الصعوبات يواجه الأهالي صنوفاً شتى من الأعباء، فقد التقت شبكة آسو الإخبارية ب “أم عمار ” وهي امرأة من ريف منبج جاءت للتسوق بسوق السبت الشعبي لشراء مستلزمات المدرسة لأطفالها الخمسة الذين تركتهم الحياة في عهدتها بعد وفاة والدهم بسبب مرض عضال.
قامت “أم عمار” في هذا العام بادخار المال لشراء مستلزمات المدرسة لأطفالها، فجميع أطفالها سيرتادون المدرسة، وتقول، إن ما حملته معي من نقود لم يكفي لشراء جميع المستلزمات، ولكن قمت بجلب المستلزمات الأساسية من حقائب للصغار، ودفاتر وأقلام للجميع.
وتضيف “أم عمار”، في هذا العام سيعاني ابنائي قليلاً بسبب قلة موردنا المالي، ولكن سأحاول تأمين كل شيء بالوقت المناسب، لديهم ما يكفيهم لهذا الفصل، وأنا بحاجة للمساعدة، أتمنى أن تقوم المنظمات الموجودة في منبج بمساعدتنا، كما أتمنى توفير المزيد من المال من تجارتي ببيع الخضار التي أجنيها من البستان الخاص بالعائلة، كي أتمكن من تأمين جميع مستلزمات المنزل واتفرغ للمستلزمات التعليمية الخاصة بأطفالي.
حالة “أم عمار” من الحالات الكثيرة في منبج وريفها حيث يعمل الكثير من الأهالي في مهنٍ شتى مختلفة عن تلك التي كانوا يقومون بها سابقاً، وذلك بغية تأمين احتياجات عوائلهم وأطفالهم ولو الحد الأدنى من تأمين المستلزمات المدرسية، كما لم تشهد المدينة هذا العام أي توزيع للمساعدات مع افتتاح المدارس لأبوابها على خلاف العام الماضي.