أخبار وتقارير
فصائل الجيش الوطني المدعومة من تركيا تستمر بمنهجية في الاستيلاء على ممتلكات المدنيين واستثمارها بريف حلب الشمالي
يامن الخالد- شبكة آسو الإخبارية
شمال غرب سوريا- عفرين المحتلة
تحرير: اسماعيل سليم
بعد أن قامت بتهجيرهم وسلب منازلهم منهم في عفرين عنوة، وتحت قوة السلاح تقوم فصائل الجيش الوطني السوري بتأجير بيوت السكان الأصليين وبيعها وتمليكها، إضافة للقيام بتوطين مستوطنين داخل المنازل المصادرة والمسروقة بمناطق ريف حلب الشمالي، وخصوصاً ضمن منطقة عفرين الكردية.
وتجري عملية التمليك والتأجير بطرق ومبالغ مختلفة، وبرعاية قياديين ضمن فصائل الجيش الوطني السوري الموالية والمدعومة من الاحتلال التركي.
وقال سكان محليون لشبكة آسو الإخبارية، “أنه منذ أن شنت تركيا والفصائل الموالية لها، عملية عسكرية لاحتلال مناطق عفرين وما حولها، بتاريخ 20 كانون الثاني/ يناير 2018، بدأ مسلسل مصادرة ممتلكات المدنيين الكرد وتهجيرهم من مناطقهم، ما أدى لانخفاض نسبة تواجدهم لأقل من 20 بالمئة”
وتجري عمليات المصادرة بشكل ممنهج من قبل الفصائل الموالية للاحتلال التركي من جهة، ومن جهة أخرى من قبل قياديين قاموا بمحاصصة المناطق فيما بينهم وكل واحد منهم يقوم بتأجير وبيع منازل في حي أو شارع أو قرية معينة بطرق مختلفة، ولمستوطنين سوريين في الغالب وهم مهجرون ونازحون تم استقدامهم عبر تفاهمات روسية- تركية من محافظات جنوب سوريا.
وتتنوع أسعار التمليك والتأجير وطرقه وأشكاله بحسب العديد من الشهادات التي حصلت عليها شبكة آسو الإخبارية (لم نكشفها حفاظا على حياتهم)، والتي بينت في مجملها العديد من المعلومات التي تدل وتوضح كمية المبالغ الطائلة التي تعود على هذه الفصائل وقياديين في الفصائل، جراء عملية التمليك والتأجير لممتلكات المدنيين الذين نزحوا أو تم طردهم ونفيهم بشكل عام، وبوجه خاص الكرد الذين كانوا يشكلون النسبة الأكبر في منطقة عفرين وما حولها من قرى صغيرة.
وبحسب مدنيين في عفرين تتراوح أسعار إيجارات المنازل الشهرية المصادرة بين 50 إلى 300 دولار أمريكي، حيث تختلف أسعار الإيجارات بين منطقة وأخرى.
وتعتبر مدينة عفرين من أكثر المناطق ارتفاعاً في أسعار إيجارات المنازل، في حين تعد القرى الصغيرة المجاورة أقل سعراً.
تنوع طرائق مصادرة الممتلكات واستثمارها
هناك ثلاثة طرائق تتبع في توطين المهجرين والنازحين من قبل قيادات فصائل الجيش الوطني الموالي للاحتلال التركي، وهي البيع والتمليك والتأجير، وتختلف كل طريقة عن الأخرى لكن جميعها تؤدي لحصول القيادي على عائد مادي كبير.
وبحسب مصادر من عفرين، فإن الطريقة الأولى هي البيع وتتراوح أسعار المنازل بشكل عام ما بين ثلاثة إلى 20 ألف دولار وذلك بحسب موقع المنزل ومساحته ومنطقته.
وهناك طريقة التأجير، وهي أن يدفع المستوطن مقابل شهري لقاء وجوده في المنزل، ثم الطريقة الأخيرة والتي تعد الأكثر شيوعاً وهي التمليك حيث يقوم المستوطن بدفع مبلغ معين مقابل وجوده في المنزل لفترة اختيارية حيث يمكنه المكوث فيه لأكثر من عام، ثم إن رغب بالخروج من المنزل فإنه يتفق مع شخص آخر ويأخذ منه المبلغ الذي دفعه ثم يسكن محله لكن المنزل يبقى ملكيته للقيادي الذي صادره ووضع يده عليه.
أما عن مصادرة الممتلكات واستغلال المستوطنين فيقول “حسن العبد الرحيم” (اسم مستعار لمهجر من منطقة الحولة في ريف حمص ويقطن في عفرين) يتحدث في شهادته لشبكة آسو الإخبارية، عن قصة استغلاله من قبل قيادي في فصيل “فيلق الشام” يقول، إن إحدى المنظمات الإنسانية قامت بتسليمه منزل في مدينة عفرين ليسكن فيه بشكل مجاني مع أسرته المؤلفة من الزوجة وثلاثة أطفال، لكن ما حدث بعد مرور نحو خمسة أشهر هو تلقيه بلاغ صادر عن فصيل “فيلق الشام” يطالبه بدفع غرامة مالية بقيمة 160 دولار أمريكي.
وقال إنه تجاهل البلاغ مكتفياً بإبلاغ قسم الشرطة بأن المنزل منحته له إحدى المنظمات الإنسانية وبشكل مجاني ليسكن فيه، فما كان من جهاز الشرطة إلا أن رد عليه بالقول بأن قضية المنازل والعقارات ليست من اختصاصهم وعليه مراجعة قيادة الفصيل.
“العبد الرحيم” لم يتجاوب لذلك وعاد للمنزل، وبعد أقل من أسبوع داهم عناصر يتبعون لفصيل “فيلق الشام” المنزل بطريقة تعسفية وطالبوه بإخلاء المنزل خلال 24 ساعة أو دفع إيجار شهري بقيمة 100 دولار أمريكي
وحاول “العبد الرحيم” منع ذلك لكن لا خيار أمامه سوى القبول بالمبلغ المفروض عليه، وبدأ يدفع المبلغ ويأمنه بصعوبة بالغة علماً أن المنزل مصادر وتعود ملكيته لإحدى العائلات الكردية التي هجرت منه، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث عمد أحد قياديي فصيل “فيلق الشام” مؤخراً لوضع يده على المنزل والعديد من المنازل المجاورة وبدأ يطلب مبلغ 150 دولار أمريكي ومنذ نحو شهرين تجري بينه وبين القيادي مشاورات بوساطة إعلامي مقرب من الجيش الوطني.
ويختم “العبد الرحيم” أنه وإلى الآن لم يتبين ما مصير وجوده في هذا المنزل الذي هو بالأصل ليس ملكه أو ملك فصيل “فيلق الشام” ويتخوف من ارغامه بقوة السلاح على إخلاء المنزل لأن المبلغ المطلوب حديثاً كبير جداً بالنسبة له ولا يتناسب مع وضعه المعيشي والمادي في ظل ارتفاع الأسعار وحالة الفقر وانعدام فرص العمل.
المصادرة لا تقتصر على ممتلكات الكرد بل تشمل النازحين
لم يتوقف الأمر عند مصادرة ممتلكات المدنيين الأكراد فقط، بل هناك العديد من المدنيين العرب أيضاً وقعوا ضحية مصادرة ممتلكاتهم من قبل الفصائل الموالية للاحتلال التركي وذلك بحجج وذرائع مختلفة من بينها عدم تواجدهم في ممتلكاتهم ولجوؤهم خارج سوريا أو اتهامهم بالانتماء للنظام أو القوات الكردية أو الجماعات الجهادية، فتم على إثر ذلك وضع يد الفصائل وقياداتها على العديد من المنازل والأراضي الزراعية وتأجيرها واستثمارها.
وهذا ما حدث مع “حسام السيد عيسى” وهو من أبناء مدينة جرابلس ويتواجد حالياً في تركيا حيث اتهمته الفصائل بأنه كان في السابق أحد أمنيي “تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً) ووضعت يدها على منزله، وفي شهادته لشبكة آسو الإخبارية يقول، إن المنزل المصادر مؤلف من طابقين وأكثر من ستة غرف ومساحة أرض كبيرة، صادرته قيادة فصيل “الحمزات” بتهمة انتماءه “لتحرير الشام” علماً أنه لم يتعاون معها أبداً وهو من أشد المعارضين لسياستها، بحسب وصفه.
مضيفاً، تمت مصادرة منزله منتصف العام 2019 بعد أن سافر إلى تركيا، وقد حاول كثيراً استعادة المنزل لكن دون أي فائدة، وتقطن فيه حالياً عائلة مهجرة من دمشق قام الفصيل بتأجيره لها، وقد تواصل عدة مرات مع قياديين في عدة فصائل أيضاً لكن بحسب ما وصله بأن هناك تقارير وصلت عبر أشخاص تتهمه بالانتماء “لتحرير الشام” وليسهناك إمكانية لاستعادة منزله.
وينهي “السيد عيسى” حديثه قائلاً، لا تختلف طريقة مصادرة ممتلكات المدنيين في ريف حلب الشمالي من قبل الفصائل الموالية للاحتلال التركي عما يقوم به النظام من مصادرة لأملاك المدنيين النازحين عن قراهم وبلداتهم، ويجب التدخل من قبل المنظمات الدولية لوضع حد لهذا كله وإعادة الحقوق لأصحابها.
يذكر أن حالة مصادرة الاملاك والاستيلاء عليها تتم تحت اعين ومسمع من الاحتلال التركي، كما لاتتوفر احصاءات دقيقة حول أعداد المنازل التي تمت مصادرتها وكذلك حجم العائدات المالية التي تدخل جيوب الفصائل الموالية للاحتلال التركي.