Connect with us

أخبار وتقارير

رموز وأساليب التحريض المختلفة التي اتبعتها أطراف الصراع في سورية لنشر خطاب الكراهية

نشر

قبل

-
حجم الخط:

هذه المادة منشورة بالتعاون بين شبكة الصحفيين الكُرد السوريين (SKJN) وشبكة آسو الإخبارية في برنامج تعاون ضمن مشروع إعلام يجمعنا، حول” تعزيز دور الإعلام في محاربة الإستقطاب وخطاب الكراهية من أجل مجتمع متماسك”.

لارا حسن
 يعتبر الصراع الدائر في سوريا منذ أكثر من عقد من الزمن، من أكثر الصراعات تعقيداً ودمويةً، على مستوى العالم، حيث شهد استخدام العديد من الرموز، والأساليب المختلفة، لبث خطاب الكراهية والتحريض ضد الطرف الآخر، وكسب ولاء مؤيدي هذا الطرف، وقد تنوعت هذه الأساليب بين العنف والقتل، والإرهاب والنشرات الدعائية، والرموز الوطنية والتحريض العرقي والشعارات والأقوال.

ووقد وظفت الأطراف المتصارعة في سورية أطراف الصراع السوري، وسائل التواصل الاجتماعي من فيسبوك، وتويتر ويوتيوب، بشكل مدروس ومخطط له، لترهيب الأطراف الأخرى، وتثبيت نفوذها نفسيا قبل أن يكون بشكل فعلي. 

أعلام وصفات مختلفة أطلقتها أطراف الصراع
رفضت الأطراف المتصارعة في سورية أي حل سياسي، مع وجود كم هائل من المتناقضات الشكلية والبنيوية فيما بينها، الأمر الذي حال بالمجتمع السوري، إلى التفكك والانهيار، بعد حرب استمرت لسنوات طويلة، وأول تلك الإشكاليات هي الخلاف على ماهية العلم السوري، حيث استغلت كل من المعارضة والسلطات السورية رمزية العلم السوري، وجعله وسيلة لبث خطاب الكراهية ومناصبة العداء، ضد الطرف الآخر وأنصاره.

فقد أعلنت المعارضة السورية بعد فترة من حراكها أي في مطلع 2012 رفضها للعلم السوري بشكله الحالي (العلم الأحمر) كما يطلقون عليه، ورأت فيه رمز لنظام الأسد، وأنه علم الوحدة مع مصر، وهو محاولة من النظام للتضليل، والظهور بمظهر الوحدة، وهو في حقيقة الأمر رمز للقتل والإجرام، وأن العلم الأخضر هو رمز للثورة على حد وصفهم.

استمرت الحكومة السورية بالتمسك بالعلم السوري بشكله الحالي (شريط أحمر ونجمتان)، واعتباره رمز من رموز البلاد لا يجب المساس به، وأطلقت على العلم الأخضر الذي اتخذته المعارضة، اسم علم الانتداب الفرنسي، وأنه رمز من رموز الانفصال.

لم يتوقف الأمر على المعارضة والحكومة، في اتخاذ كل منها علم خاص به، ففي صيف 2012، بدأت تظهر راية سوداء كتب عليها بالأبيض، عبارة (لا إله إلا الله)، وفي بعض أشكالها مساحة بيضاء عليها ما يفترض أنه ختم أسود، وفي قلبها بالأبيض (محمد رسول الله)، وهذا الشكل الأخير هو علم جبهة النصرة، أو كما يحب اتباعها إطلاق تسمية راية، وهي رمز لمجموعات سلفية التوجه.

كما اعتمد أطراف الصراع على سياسة تخوين الطرف الآخر، وإطلاق صفات ورموز تحض على العنف، ونشر الكراهية بين أنصاره، فمنذ بداية الحراك وخروج المظاهرات ضد الحكومة السورية، وقبل تحولها إلى مسلحة، أطلقت شخصيات حكومية صفات “إرهابيين وجهاديين وثورة مسلحة”، بينما اعتمدت المعارضة على إطلاق صفات “الشبيحة وعواينية النظام وأنصار النصيرية”، ضد مؤيدي الحكومة السورية أو موظفيها.

 بروز الخطاب الطائفي في سوريا 
لعب بعض رجال الدين الإسلامي دورا كبيرا، في تحويل الصراع في سوريا، إلى سني علوي مستغلين التنوع المذهبي، والطائفي في سوريا، وذلك من خلال تحريض مؤيديهم على العنف والكراهية، ضد الطوائف الأخرى، من خلال خطاب ديني موجه، عبر خطب الجمعة، ووسائل التواصل الاجتماعي، وإصدار فتاوى متعددة، من قبل بعض رجال دين إسلامي، وتأييد فتاويهم بآيات من القرآن الكريم.

فقد أتهم القرضاوي (عرف بتأييده للمعارضة السورية منذ انطلاقتها)، العلويين بالكفر والغدر، ووصفهم في إحدى خطبه (أكثر شراً من اليهود والنصارى)، كما أصدر فتوى أباح فيها المشاركة في الجهاد ضدهم، ووصف الشيعة الأقلية الحاكمة في سوريا بالكفر، وأنهم يريدون قتل أهل السنة الأغلبية في سوريا، يقول في إحدى فتاويه مستشهدا بآيات من القرآن الكريم “الذين يعملون مع السلطة يجب قتلهم جميعا، عسكريين ومدنيين علماء جاهلين، أيا كان مع هذه السلطة الظالمة، الجائرة المتدبرة في الأرض، التي قتلت الناس بغير حق هو ظالم مثلها، فكل من يقاتل عليه أن يقاتل هؤلاء (اتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة)”،

 يعتبر رجل الدين الشيعي كاظم الحائري المقيم في إيران، أول من أصدر فتوى بتكفير المعارضة السنية في سوريا، وإصدار فتوى بجواز السفر إلى سوريا، والقتال فيها بعد إجابته على سؤال أحد أتباعه بمشروعية القتال في سوريا،، يقول الحائري في فتواه: “المعركة الدائرة في سوريا ليست للدفاع عن ضريح زينب وإنما هي حرب يخوضها الكفرة ضد الإسلام، ومن ثم يجب الدفاع عن الإسلام”.

اعتماد الصور البصرية كوسيلة لنشر الخوف والكراهية 
ركزت الأطراف المتصارعة على الصورة البصرية، لإرهاب الأطراف الأخرى، عبر بث مقاطع فيديو تم تسجيلها ونشرها، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ووسائل إعلام مؤيدة لأيديولوجيتها، بهدف بث خطاب الكراهية، وغرس شعور الخوف، لدى الأطراف الأخرى، كذلك لتعزيز شعور الانتماء لدى اتباعه.

أظهر مقطع فيديو مصور ل خالد الحمد المعروف “أبو صكار”، أحد قادة ألوية المعارضة السورية “كتيبة الفاروق” في بداية الصراع المسلح، وهو يمضغ م جسد جندي سوري قام بقتله، وهو يقول (سوف نأكل من قلوبكم وأكبادكم يا جنود بشار)، وفي فيديو آخر قام بنشره وهو يقوم بقتل جندي علوي، وهو يقول (آمل أننا سنذبحهم جميعا)، لم يبد خالد الحمد، أي ندم على أفعاله التي قام بها، في نشر خطاب العنف، وإباحة القتل، خلال مقابلة له مع “مجلة التايم الأمريكية”، وإنما بررها كرد فعل على أعمال قوات النظام حسب قوله.

أصبحت المقاطع المصورة، وسيلة للدعاية والترويج، بيد جميع الأطراف فقد ظهرت مذيعات التلفزيون السوري الرسمي وهن يتجولن بين جثث قتلى المعارضة في داريا، وإجراء مقابلات مع الجرحى قبل إسعافهم، الأمر الذي يعتبر استغلالا للمأساة الانسانية ويعزز الانقسام الطائفي وزيادة التوتر بين الأطراف وهذا الأمر يتعارض مع دور الإعلام الحقيقي الذي يجب أن يسعى إلى نشر الوعي.

استغل داعش الإسلوب الدعائي القائم على الصورة البصرية القائمة على التطرف والكراهية والنعرات الطائفية لإيصال آرائه والتي كانت إحدى أساليب الحرب النفسية ضد الأخر وقد استخدم عنصرين رئيسيين لتحقيق أهدافه: الأول إثارة الرعب والذعر في نفوس الأعداء والاني نشر ما يراه ويسعى لتحقيقه

فقد استخدم كم هائل من الرسائل الدعائية والحرب النفسية التي نشرها عبر شبكة الانرنت ومواقع التواصل الاجتماعي والتي كانت تحمل خطابا متطرفاً ضد الآخر فقد احتوى غلاف مجلة دابق الالكترونية في إصداراته الأولى  (وهي مجلة أصدرها التنظيم ناطقة باسمه وتحمل آرائه)  صورة افتراضية لسفينة سيدنا نوح وهي تسير باتجاه أمواج عالية والسماء ملبدة بالغيوم وكتب أسفل الصورة عناوين فرعية (إما الخلافة الإسلامية أو الطوفان) في إشارة واضحة إلى معاداة جميع الأطراف الأخرى.إضافة إلى استخدام داعش إلى كم هائل من مقاطع الفيديو التي صورت بشكل سينمائي وركزت عنف اللقطات وبشاعتها وهي تعكس في نفس الوقت مدى وحشية التنظيم في بث خطاب التطرف والكراهية الموجه للآخر.

استخدام الأناشيد من قبل الطراف المتصارعة للسيطرة على مشاعر مؤيديها وشحنها بالكراهية
يعتبر استخدام أطراف الصراع أناشيد خاصة به، من الاستراتيجيات الشائعة وذلك للسيطرة على مشاعر مؤيديها، كما أنها تعتبر وسيلة فعالة للتعبير عن المشاعر الدينية والوطنية وقد استخدمت في الحملات الإعلامية والدعائية بهدف تحفيز المؤيدين وتعزيز انتمائهم

فقد عمد كل من جبهة النصرة ومجموعات حزب الله التي تقاتل في سوريا في أناشيدها أو لطمياتها على تركيز وتثبيت المشاعر التي تعتمد على حس المظلومية في الأنشودة وإثارة الغرائر بطريقة لا شعورية بهدف شحذ الهمم وتغييب العقل.

كما استفاد داعش بشكل كبير من التكنولوجيا لمخاطبة جمهوره في الداخل والخارج والموالي لأفكاره والمعارض لها لنشر خطاب الكراهية والتعصب فكانت الأناشيد الدينية إحدى أهم وسائله للترويج عن أفكاره المتطرفة وإرهاب الآخر.

تشريع داعش سبي الإيزيديات تحت ستار طائفي 
تعامل داعش مع الإيزيديين معاملة المشركين (لا يجوز دفع جزية ويجوز قتلهم أو تقسيم نسائهم وأطفالهم بين مقاتلي التنظيم)، ففي تحقيق سابق نشر للمرصد السوري لحقوق الإنسان “داعش قام ببيع 42 من السبايا الإيزيديات في مدينة الميادين في الريف الشرقي لدير الزور في سوريا بمبالغ مالية تتراوح بين 500 و2000 دولار أمريكي”

استند داعش على جواز سبي النساء الإيزيديات والأطفال على أسس شرعية وآيات قرآنية مرتكزاً على مقولة أن القرآن الكريم صالح لكل زمان ومكان لبث خطاب التطرف والكراهية بشكل مكثف ضد الإيزيديين (دون فهم حقيقي لمعاني الآيات القرآنية) فعمد على نشر إيديولوجيته في مجلته “دابق الالكترونية” نشر فيها(استعباد عائلات الكفار وأخذ نسائهم سبايا من بين الممارسات التي لاخلاف حولها في الشريعة الإسلامية)، مستشهداً بآيات من القرآن الكريم “وأعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا..أو ما ملكت أيمانكم غير ملومين”(المؤمنون 5 و6) وملك اليمين هو حق الرجل الحر في أن يكون لديه زوجة وأرقاء من الرجال والنساء فقد كان من طبيعة الحروب أن يأخذ الرجل رقيقا.

اعلن داعش أنه استعبد أكثر من  6400 إيزيدي معظمهم من النساء والأطفال وكان هدفه من سبي النساء هو كسب مقاتلين جدد للتنظيم وتلبية الحاجات الجسدية لمقاتليه لضمان استمرارهم في الولاء والقتال بجانب التنظيم، الأمر الذي دفع الفقهاء إلى الحديث عن ظاهرة السبي التي جاء بها داعش لكنها لم تكن مواقف حازمة فهم لم يناقشوا موقف الإسلام الحقيقي من السبي والاسترقاق واكتفوا بذكر تبريرات فقهية قديمة (الإسلام لم يأت بالرق أو حث عليه بل تعامل مع عادة متجذرة حاول التخفيف منها قدر الإمكان)، كما أخذ الفقهاء على داعش أنه لا يجوز سبي نساء عربيات مع وجود خلاف فقهي، وذكر آخرون أنه لا يوجد إمام واحد للمسلمين لذلك أمر السبي غير جائز.

*الصورة من النت