Connect with us

مدونة آسو

فاطمة…. قصة نازحة فرت من الجحيم للبحث عن الأمان

نشر

قبل

-
حجم الخط:

في بيتها الصغير المتواضع المؤلف من غرفتين بمدينة ديريك/ المالكية في روج آفا (شمال سوريا)، استقبلتنا بابتسامة وحزن لا تخطئه عين. تجلس… تتلعثم لا تعرف من أين تبدأ سرد الحكاية، هل تبدأ من فقدان الأحبة، أم الخوف… النزوح … الجوع أم العوز والفاقة.

قصتها تتشابه وقصة ملايين السوريين، وتحمل في طياتها الكثير من الآلام والأحزان. فتروي “فاطمة أبو عاصي” في حديثها لـشبكة آسو الإخبارية، قصة نزوحها من ريف حلب حتى وصولها أعتاب مدينة ديريك/ المالكية، التي شهدت فيها الصعاب وتعرضت ومن معها لمخاطر جمّة. تقول: “أنا من ريف حلب، نزحنا إلى المدينة نتيجة الاشتباكات في مناطقنا، وبصحبتي 10 أطفال من زواج سابق لزوجي، إضافة لابنتي”.

تصف فاطمة مشهد الحياة في الحي بالقول: كان الخوف يُخيم على المدينة، والطائرات تقصف الحي الغربي حيث كنا نسكن. أُصيبت ابنتي بحالة من التشنج العصبي، نتيجة الخوف من أصوات القصف والانفجارات، التي كانت تخيم على المكان. ولعدم وجود مأوى آخر لنا مكثنا في الحي ما يقارب العشرة أشهر، رغم خطورته وانعدام أدنى مقومات الحياة فيه، فلا ماء ولا كهرباء نتيجة تعرض الحي للقصف، ناهيك عن السرقات.

عشرة أشهر في حياة العائلة كان الموت يسكن معهم ويلازمنهم كل لحظة، حتى قررت بعدها النزوح عن الحي.
تحليق الطائرات المقاتلة في الأجواء وضرب المناطق الآهلة بالسكان والمباني المهدمة على رؤوس قاطنيها في حلب، كانت هذه من المشاهد اليومية التي تحدث أمام عيني فاطمة وأولادها، وكل من يسكن في حيّها، وأحيانا كان عمل الأهالي يقتصر صباحاً في البحث عن جثث أطفالهم وذويهم من تحت الركام بحسب ما ترويه “فاطمة”.

خلال فترة إقامة فاطمة وعائلتها في “حلب” في مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، كان الوضع الصحي لابنتها يُجبرها على أخذها إلى مناطق سيطرة النظام، حيث الأطباء والمشافي، برغم تواجد القناصات المتمركزة فوق الأبنية، فتقول “فاطمة” “إنها المأساة” !!.

على طريق الهروب من الحي الذي كانت تسكنه، لاقت فاطمة عذاباً مماثلاً لفترة بقائها هناك، حيث تقول: “أثناء هروبنا كان الخوف ملازماً لنا، وفي الظلمة وقع حادث بالحافلة التي كانت تقلنا مع عوائل أخرى، حيث فقد رجلٌ حياته، وبقيت زوجته وطفلته على قيد الحياة، كان الهروب مُثقلاً بالخوف والدموع، ناهيك عن الجوع و البرد و العطش”. وتضيف “ذقنا الأمريين نحن ومن معنا من عوائل هاربة من جحيم الحرب فـ 17 ساعة متواصلة كانت بمثابة أشهر، لن أنساها طوال حياتي”.

تعيش فاطمة اليوم في مدينة ديريك بريف الحسكة، التي وصلت إليها بعد رحلة شاقة تخللها الموت مرات عدة.
لم يكن الاستقرار في المدينة الجديدة سهلاً لفاطمة وعائلتها التي أعياها التعب والجوع، فبعد وصولها إلى المنطقة واجهت عدة مشاكل، أهمها السكن والعمل للحصول على مصدر رزق.

اليوم استقرت عائلة فاطمة وتلقت عدة مساعدات إنسانية تساعدها على الاستقرار في بيتها الصغير مع عائلتها، ويعمل زوجها بأجر يومي، ويذهب قسم من أطفالها إلى المدرسة. تحاول أن تلملم جراحها وأن تبدأ حياتها من جديد.
يبقى أمل فاطمة وجميع من نزحوا معها هو انتهاء الحرب والعودة إلى الديار دون خوف أو رعب.

*الصورة تعبيرية من الانترنت