Connect with us

مدونة آسو

ماذا يُمكننا فعله حيال خطاب الكراهية

نشر

قبل

-
حجم الخط:

هذه المادة منشورة بالتعاون بين شبكة الصحفيين الكُرد السوريين (SKJN) وشبكة آسو الإخبارية في برنامج تعاون ضمن مشروع إعلام يجمعنا، حول” تعزيز دور الإعلام في محاربة الإستقطاب وخطاب الكراهية من أجل مجتمع متماسك”.

شفان إبراهيم
يسود اليوم في الوسط السياسي الكردي-الكردي، الأطراف السياسية في شمال شرق سوريا تجاه المكونات الموجودة في المعارضة السورية، المؤيدين للسلطة السياسية السورية والمعارضين، والفئات الواقفة على الحياد، أو المعروفين بمصطلح الرماديين، الشباب والمرأة، ينتشر بينهم في الخطاب العام ووسائل الإعلام والخطاب السياسي والشعبي، مظاهر اعتراض وتخوين وكراهية بينهم، وغير ذلك من صور التعصب، لاسيما مصطلحات “الخيانة، العمالة، الارتباط، الارتهان.

المريح أن الأمر لم يتطور بعد لارتكاب جرائم وحشية بديمومة مستمرة، وإن صادف ترجمة ذلك الخطاب لاعتداءات مختلفة، لكن ما يبعث التفاؤل إن القواعد الاجتماعية فهمت اللعبة بشكل صحيح لكن متأخراً، وشكل الفقر والحرمان والحاجة، لاعباً رئيسياً في الحد من انتشار مظاهر ترجمة خطاب الكراهية إلى سلوك عملي، إضافة لبلورة سؤال مهم يُمكن البناء عليه لمواجهة خطاب الكراهية.

سؤال: ما الفائدة التي سنجنيها من الممارسات العنيفة؟ هو سؤال النُخب وحتّى شرائح ضخمة من عامة الناس. الجيد في الأمر ومع زيادة منسوب خطاب الكراهية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة من “النشطاء” المحسوبين على الأطراف السياسية، وتحديداً ذوي المصالح المادية معهم، أن هواجس القواعد الاجتماعية حيال ذلك الخطاب، يقظ وتكبر معها هواجسهم ومخاوفهم أن يتطور الأمر إلى أبعد من الخطاب، وهو أمر مُبشر وجيد أن تكون المجتمعات المحلية على يقظة جيدة. ورداً على ذلك يتوجب إطلاق خطة عمل بشأن خطاب الكراهية بهدف تعزيز الجهود الرامية إلى معالجة الاسباب الجذرية للخطاب، ودوافعه وتمكين الاستجابات الفاعلة له.

لدينا جميعًا دور نلعبه في مواجهة خطاب الكراهية، فالكثير منّا اليوم مُرابطون/مترابطون على/ عبر شبكة الإنترنت، علينا أن نشارك في مكافحة خطاب الكراهية حتى ولو لم نكن من أهداف، لمجرد أنّه علينا أن نتضامن مع من يتم استهدافه، وأن نضمن أن تشعر كلّ ضحيّة من ضحاياه بدعمنا لها، علينا أن نتضامن كي نمكّن الضحايا وننقل صوته، علينا أيضًا إن نركّز في مناهج المدارس، على حقوق الإنسان وسبل الوقاية.

ومن بين الالتزامات الاستراتيجيّة وخطة العمل لمكافحة خطاب الكراهية أن تدعو النشطاء والكتّاب والصحفيين إلى عقد مؤتمر محلي من أجل الوقاية، يركّز على معالجة خطاب الكراهية ومكافحته. وفي مرحلة لاحقة إقامة مؤتمر عام على مستوى سورية يحضره خبراء في التعليم والتربية وإعداد المناهج، لإطلاق الخطة التعليمية في مواجهة ذلك الاستقطاب والخطاب المميت. وما لا يُمكن القفز فوقه إن مواجهة خطاب الكراهية يتطلب استجابة منسَّقة من القيادات والنُخب الدينية وصانعي السياسات والمنظمات الإعلامية وعامة الناس؛ لإن تصميم برامج المكافحة تتطلب تظافر الجهود.

اليوم مطلوب منا كمشتغلين في الشأن العام، إبعاد موادنا المنشورة عن ذلك الخطاب، وعدم استعمال مفردات من قبيل خائن، عميل، مرتبط، أجندات معادية، مرتزق …إلخ. يُمكن الكتابة في أي موضوع عام سياسي او اقتصادي او اجتماعي، لكن بعيداً عن خطاب ومفردات توفر حمولة عنصرية ومفردات كراهية. فتلك المصطلحات وغيرها يُصبح متجذرًا ويولد المزيد من التعصب، وتبقى اثارها النفسية لدى الأفراد والجماعات ضمن السياق العام وللأجيال اللاحقة أيضاً، وهو ما يُمهد لتوفير المزيد من الانقسامات.

كيف يُمكن تحديد خطاب الكراهية
من المهم التمييز بين التحريض على العنف وحرية التعبير في معرض رصد خطاب الكراهية ومعالجته والاستجابة له. وإن كانت حربة التعبير والرأي حق لكل فرد، فإن قيوداً معينة لابد أن تُفرض على الكلام، وضرورة حظر كل أشكال الكلام التي تدعوا إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية، أو تمثل تحريضاً على التمييز أو العداء أو العنف، وكل ما يشير أو يرمز أو يشجع العنف هو خطاب كراهية عميق وخطير، خاصة إذا ما توفر السياق المؤدي إلى العنف والشخصية المؤثرة المتحدثة، والفعل الكلامي المنشور على نطاق واسع والجمهور المتقبل أو الفئات المستهدفة، خاصة المهمشة منها كالمرأة، الشباب، من لا يمتلك فرص عمل، المتسربين من المدارس، المتضررين من سياسات معينة…إلخ.

وفي سياق المعالجة فإن رصد أشكال معينة من خطاب الكراهية ومعالجتها قبل أن تصل لعتبة التحريض على العنف يحتاج للعمل الميداني والبرمجة المضادة، خاصة إذا كانت الخلافات في بداياتها، أو مروجي ذلك الخطاب معروفين، حينها يتحول ذلك الخطاب إلى منزلة إنذار مبكر ومقدمة للعنف، وليس محرك للعنف، ويصبح من الممكن منعه والحد منه.

وفي مقارنة البلدان التي تعيش تحت وطأة العنف وخطاب الكراهية والقتل على الهويّة، والتي يشكل الإعلام دوراً سلبياً فيها، نجد أن أبرز تلك الدول، هي التي لا تتوفر فيها معايير حقوق الإنسان، ولا تلتزم بالمعاهدات والمواثيق الدولية حول حرية الرأي والتعبير والتعددية السياسية وحقوق القوميات والاثنيات والجندرة وغيرها، وفي أماكن أخرى تستخدم قوانين مكافحة خطاب الكراهية للحد من حرية التعبير. علماً أن الكتابة في الشأن العام ورصد الواقع والتعبير عنه بعيداً عن ألفاظ تخدش الحياء العام، أو تتسبب بجروح مجتمعية، لا تعتبر لا خطاب كراهية، ولا تحريض على العنف، والمطلوب حالياً نشر المزيد من الخطاب المضاد لخطاب الكراهية، والتمسك بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

ووفقاً لذلك يُمكن تشكيل كروبات نخبوية تعمل على التوعية ووضع خطط عمل بشأن خطاب الكراهية ومن بين ما يُمكن القيام به: دعم المزيد من الخطاب المضاد للكراهية، كونه القاعدة الأساس للمعالجة، وخاصة مفردات الخيانة، العمالة، المرأة ضلع قاصر، الاحتشام، الزواج سترة، تنفيذ اجندات معادية…إلخ. ونشر ثقافة أن مواجهة ومعاجلة خطاب الكراهية يقع على عاتق الجميع بدءًا من الافراد وصولاً إلى الحكومات والسطات والقطاع الخاص، ووسائل الإعلام والتربية والتعليم. يُمكن الاستفادة بكثافة من العصر الرقمي ودعم الأجيال الحالية من الشباب وتوعيتهم لمخاطر الكراهية ورفضه والتصدي له.
لا تزال المنطقة تعيش تحت وطأة مخاوف ذلك الخطاب والصراع، لذلك يلزمنا المزيد لكي نعمل بفاعلية، وهذا الأمر يتطلب جمع بيانات وبحوث وازنة ورصينة، وكشف الأسباب البنيوية والجذرية لحركة الاستقطاب، وماهي أبرز محركات العنف، والظروف التأجيجية المناسبة التي تؤدي لخطاب قاتل وعنفي.

*الصورة من النت